(وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ (٣) وَلَقَدْ جَاءهُم مِّنَ الْأَنبَاء مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ (٤) حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ (٥) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُّكُرٍ (٦) خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ) (٧)
٣ ـ (وَكَذَّبُوا) النبيّ صلىاللهعليهوسلم (وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ) وما زيّن لهم الشيطان من دفع الحقّ بعد ظهوره (وَكُلُّ أَمْرٍ) وعدهم الله (مُسْتَقِرٌّ) كائن في وقته ، وقيل كلّ ما قدّر واقع ، وقيل كلّ أمر من أمرهم وأمره (١) واقع مستقر ، أي سيثبت ويستقرّ عند ظهور العقاب والثواب.
٤ ـ (وَلَقَدْ جاءَهُمْ) أهل مكة (مِنَ الْأَنْباءِ) من القرآن المودع أنباء القرون الخالية ، أو أنباء الآخرة وما وصف من عذاب الكفار (ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ) ازدجار عن الكفر ، تقول زجرته وازدجرته أي منعته ، وأصله ازتجر ولكنّ التاء إذا وقعت بعد زاي ساكنة أبدلت دالا ، لأنّ التاء حرف مهموس والزاي حرف مجهور ، فأبدل من التاء حرف مجهور وهو الدال ليتناسبا ، وهذا في آخر كتاب سيبويه.
٥ ـ (حِكْمَةٌ) بدل من ما ، أو على هو حكمة (بالِغَةٌ) نهاية الصواب ، أو بالغة من الله إليهم (فَما تُغْنِ النُّذُرُ) ما نفي (٢) ، النذر مصدر بمعنى الإنذار.
٦ ـ (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ) لعلمك أنّ الإنذار لا يغني فيهم. نصب (يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ) بيخرجون ، أو بإضمار اذكر. الداعي ، إلى الداعي سهل ويعقوب ومكيّ فيهما ، وافق مدني وأبو عمرو في الوصل ، ومن أسقط الياء اكتفى بالكسرة عنها ، وحذف الواو من يدعو في الكتابة لمتابعة اللفظ ، والداعي إسرافيل عليهالسلام (إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ) منكر فظيع تنكره النفوس لأنها لم تعهد بمثله ، وهو هول يوم القيامة ، نكر بالتخفيف مكي.
٧ ـ (خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ) (٣) خاشعا عراقي غير عاصم ، وهو حال من الخارجين ، فعل (٤) للأبصار وذكّر كما تقول يخشع أبصارهم ، غيرهم خشّعا على يخشعنّ أبصارهم وهي لغة من يقول أكلوني البراغيث ، ويجوز أن يكون في خشعا ضميرهم وتقع أبصارهم بدلا عنه ، وخشوع الأبصار كناية عن الذّلة ، لأن ذلّة الذليل ، وعزّة العزيز
__________________
(١) ليس في (ز) وأمره.
(٢) في (ظ) و (ز) زاد : والنذر جمع نذير ، وهم الرسل ، أو المنذر به ، أو ...
(٣) في مصحف النسفي : (خاشِعاً) لذلك قال :
(٤) في (ز) وهو فعل.