(تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاء لِّمَن كَانَ كُفِرَ (١٤) وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (١٥) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (١٦) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (١٧) كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ) (١٨)
بين السفينة وبين هذه الصفة لم يصح ، وهذا من فصيح الكلام وبديعه ، والدسر جمع دسار وهو المسمار فعال من دسره إذا دفعه لأنه يدسر به منفذه.
١٤ ـ (تَجْرِي بِأَعْيُنِنا) بمرأى منّا ، أو بحفظنا ، وبأعيننا حال من الضمير في تجري أي محفوظة بنا (جَزاءً) مفعول له لما قدّم من فتح أبواب السماء وما بعده أي فعلنا ذلك جزاء (لِمَنْ كانَ كُفِرَ) وهو نوح عليهالسلام ، وجعله مكفورا لأن النبي نعمة من الله ورحمة قال الله تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) (١) فكان نوح نعمة مكفورة.
١٥ ـ (وَلَقَدْ تَرَكْناها) أي السفينة ، أو الفعلة أي جعلناها (آيَةٍ) يعتبر بها ، وعن قتادة : أبقاها الله بأرض الجزيرة ، وقيل على الجودي (٢) دهرا طويلا حتى نظر إليها أوائل هذه الأمة (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) متعظ يتعظ ويعتبر ، وأصله مذتكر بالذال والتاء ، ولكن التاء أبدلت منها الدال ، والدال والذال من موضع ، فأدغمت الذال في الدال.
١٦ ـ (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) جمع نذير ، وهو الإنذار ، ونذري يعقوب فيهما ، وافقه سهل في الوصل. غيرهما بغير ياء ، وعلى هذا الاختلاف ما بعده إلى آخر السورة.
١٧ ـ (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ) سهلناه للادّكار والاتعاظ بأن شحناه بالمواعظ الشافية وصرفنا فيه من الوعد والوعيد (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) متعظ يتعظ ، وقيل ولقد سهلناه للحفظ وأعنا عليه من أراد حفظه فهل من طالب لحفظه ليعان عليه ، ويروى أنّ كتب أهل الأديان نحو التوراة والإنجيل والزبور لا يتلوها أهلها إلا نظرا ولا يحفظونها ظاهرا كالقرآن.
١٨ ـ (كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) أي وإنذاري (٣) لهم بالعذاب قبل
__________________
(١) الأنبياء ، ٢١ / ١٠٧.
(٢) الجودي : جبل بأرض الجزيرة استوت عليه سفينة نوح عليه الصلاة والسلام (مختار الصحاح).
(٣) في (ظ) و (ز) وإنذاراتي.