(إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (٤٧) يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (٤٨) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (٤٩) وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (٥٠) وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ) (٥١)
٤٧ ـ (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ) عن الحقّ في الدنيا (وَسُعُرٍ) ونيران في الآخرة ، أو في هلاك ونيران.
٤٨ ـ (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ) يجرّون فيها (عَلى وُجُوهِهِمْ) ويقال لهم (ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ) كقولك وجد مسّ الحمّى وذاق طعم الضرب ، لأن النار إذا أصابتهم بحرّها فكأنها تمسهم مسا بذلك ، وسقر غير منصرف للتأنيث والتعريف ، لأنها علم لجهنم من سقرته النار إذا لوّحته.
٤٩ ـ (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) كلّ منصوب بفعل مضمر يفسره الظاهر ، وقرىء بالرفع شاذا ، والنصب أولى ، لأنه لو رفع لأمكن أن يكون خلقناه في موضع جرّ (١) وصفا لشيء ويكون الخبر بقدر ، وتقديره إنا كلّ شيء مخلوق لنا كائن بقدر ، ويحتمل أن يكون خلقناه هو الخبر ، وتقديره إنا كلّ شيء مخلوق لنا بقدر ، فلما تردد الأمر في الرفع عدل إلى النصب ، وتقديره إنا خلقنا كلّ شيء بقدر ، فيكون الخلق عاما لكل شيء وهو المراد بالآية ، ولا يجوز في النصب أن يكون خلقناه صفة لشيء لأنه تفسير الناصب والصفة لا تعمل في الموصوف. والقدر والقدر التقدير أي بتقدير سابق ، أو خلقنا كلّ شيء مقدرا محكما مرتبا على حسب ما اقتضته الحكمة ، أو مقدرا مكتوبا في اللوح معلوما قبل كونه قد علمنا حاله وزمانه ، قال أبو هريرة : جاء مشركو قريش إلى النبي صلىاللهعليهوسلم يخاصمونه في القدر فنزلت الآية (٢) ، وكان عمر يحلف أنها نزلت في القدرية.
٥٠ ـ (وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ) إلا كلمة واحدة ، أي وما أمرنا لشيء نريد تكوينه إلا أن نقول له كن فيكون (كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) على قدر ما يلمح أحدكم ببصره ، وقيل المراد بأمرنا القيامة ، كقوله : (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ) (٣).
٥١ ـ (وَلَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ) أشباهكم في الكفر من الأمم (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) متعظ.
__________________
(١) في (ظ) و (ز) الجر.
(٢) الطبري عن محمد بن عباد بن جعفر عن أبي هريرة.
(٣) النحل ، ١٦ / ٧٧.