(بَيْضَاء لَذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ (٤٦) لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ (٤٧) وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ (٤٨) كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ (٤٩) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ (٥٠) قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (٥١) يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنْ الْمُصَدِّقِينَ) (٥٢)
الأخفش : كلّ كاس في القرآن فهي الخمر ، وكذا في تفسير ابن عباس رضي الله عنهما (مِنْ مَعِينٍ) من شراب معين ، أو من نهر معين ، وهو الجاري على وجه الأرض الظاهر للعيون ، وصف بما وصف به الماء لأنه يجري في الجنة في أنهار كما يجري الماء ، قال الله تعالى : (وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ) (١).
٤٦ ـ (بَيْضاءَ) صفة للكاس (لَذَّةٍ) وصفت باللذة كأنها نفس اللذة وعينها ، أو ذات لذة (لِلشَّارِبِينَ).
٤٧ ـ (لا فِيها غَوْلٌ) أي لا تغتال عقولهم كخمور الدنيا ، وهو من غاله يغوله غولا إذا أهلكه وأفسده (وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ) يسكرون من نزف الشارب إذا ذهب عقله ، ويقال للسكران نزيف ومنزوف ، ينزفون عليّ وحمزة أي لا يسكرون ، أو لا ينزف شرابهم من أنزف الشارب إذا ذهب عقله أو شرابه.
٤٨ ـ (وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ) قصرن أبصارهنّ على أزواجهنّ لا يمددن طرفا إلى غيرهم (عِينٌ) جمع عيناء أي نجلاء واسعة العين.
٤٩ ـ (كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ) مصون ، شبههنّ ببيض النعام المكنون في الصفاء ، وبها تشبه العرب النساء وتسميهن بيضات الخدور. وعطف :
٥٠ ـ (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ) يعني أهل الجنة (عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) عطف (٢) على يطاف عليهم ، والمعنى يشربون ويتحادثون على الشراب كعادة الشّرب قال (٣) :
وما بقيت من اللذات إلّا |
|
أحاديث الكرام على المدام |
فيقبل بعضهم على بعض يتساءلون عما جرى عليهم (٤) في الدنيا ، إلا أنه جيء به ماضيا على ما عرف في أخباره.
٥١ ـ ٥٢ ـ (قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ. يَقُولُ أَإِنَّكَ) بهمزتين شامي وكوفي (لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ) بيوم الدين.
__________________
(١) محمد ، ٤٧ / ١٥.
(٢) ليس في (أ) عطف.
(٣) لم أصل إليه.
(٤) في (ز) لهم وعليهم.