(فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٨) يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٩) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٠) مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (١١)
(أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا) أن مع ما في حيزه قائم مقام المفعولين وتقديره أنهم لن يبعثوا (قُلْ بَلى) هو إثبات لما بعد لن وهو البعث (وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَ) أكّد الإخبار باليمين ، فإن قلت : ما معنى اليمين على شيء أنكروه؟ قلت : هو جائز لأنّ التهديد به أعظم موقعا في القلب ، فكأنه قيل لهم ما تنكرونه كائن لا محالة (ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ وَذلِكَ) البعث (عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) هيّن.
٨ ـ (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) محمد صلىاللهعليهوسلم (وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا) يعني القرآن ، لأنه يبيّن حقيقة كلّ شيء فيهتدى به كما بالنور (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) فراقبوا أموركم.
٩ ـ ١٠ ـ (يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ) انتصب الظرف بقوله لتنبّؤون أو بإضمار اذكر (لِيَوْمِ الْجَمْعِ) ليوم يجمع فيه الأولون والآخرون (ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ) وهو مستعار من تغابن القوم في التجارة ، وهو أن يغبن بعضهم بعضا لنزول السعداء منازل الأشقياء التي كانوا ينزلونها لو كانوا سعداء ، ونزول الأشقياء منازل السعداء التي كانوا ينزلونها لو كانوا أشقياء ، كما ورد في الحديث (١) ، ومعنى ذلك يوم التغابن ، وقد يتغابن الناس في غير ذلك اليوم استعظام له ، وأنّ تغابنه هو التغابن في الحقيقة لا التغابن في أمور الدنيا (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً) صفة للمصدر أي عملا صالحا (يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُدْخِلْهُ) وبالنون فيهما مدني وشامي (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ. وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ خالِدِينَ فِيها وَبِئْسَ الْمَصِيرُ).
١١ ـ (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ) شدة ومرض وموت أهل ، أو شيء يقتضي همّا (إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) بعلمه وتقديره ومشيئته ، كأنه أذن للمصيبة أن تصيبه (وَمَنْ يُؤْمِنْ
__________________
(١) ما رواه البخاري من حديث أبي هريرة (ما من عبد أدخل النار إلا رأى مقعده في الجنة لو أحسن ليزداد حسرة) وفي المتفق عليه من حديث أنس في قصة المؤمن ، فيقال له : انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعدا من الجنة ، قال نبي الله : فيراهما جميعا.