(فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٦) إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (١٧) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (١٨)
من منفعتكم بأموالكم وأولادكم ، ولم يدخل فيه من كما في العداوة لأنّ الكلّ لا يخلو عن الفتنة وشغل القلب ، وقد يخلو بعضهم عن العداوة.
١٦ ـ (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) جهدكم ووسعكم ، قيل هو تفسير لقوله : (حَقَّ تُقاتِهِ) (١) (وَاسْمَعُوا) ما توعظون به (وَأَطِيعُوا) فيما تؤمرون به وتنهون عنه (وَأَنْفِقُوا) في الوجوه التي وجبت عليكم النفقة فيها (خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ) أي إنفاقا خيرا لأنفسكم. وقال الكسائي : يكن الإنفاق خيرا لأنفسكم ، والأصحّ أنّ تقديره ائتوا خيرا لأنفسكم وافعلوا ما هو خير لها ، وهو تأكيد للحثّ على امتثال هذه الأوامر وبيان ، لأن هذه الأمور خير لأنفسكم من الأموال والأولاد وما أنتم عاكفون عليه من حبّ الشهوات وزخارف الدنيا (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ) أي البخل بالزكاة والصدقة الواجبة (فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
١٧ ـ (إِنْ تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً) بنية وإخلاص ، وذكر القرض تلطف في الاستدعاء (يُضاعِفْهُ لَكُمْ) يكتب لكم بالواحدة عشرا أو سبعمائة إلى ما شاء من الزيادة (وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ شَكُورٌ) يقبل القليل ويعطي الجزيل (حَلِيمٌ) يقيل الجليل من ذنب البخيل ، أو يضعّف الصدقة لدافعها ولا يعجّل العقوبة لمانعها.
١٨ ـ (عالِمُ الْغَيْبِ) أي يعلم ما استتر من سرائر القلوب (وَالشَّهادَةِ) أي ما انتشر من ظواهر الخطوب (الْعَزِيزُ) المعز بإظهار السيوب (٢) (الْحَكِيمُ) في الإخبار عن الغيوب (٣).
__________________
(١) آل عمران ، ٣ / ١٠٢.
(٢) السيوب : أي المعز بإظهار العطاء والكنوز المدفونة. والسيوب : الركاز (القاموس ١ / ٨٤).
(٣) زاد في (ظ) و (ز) والله أعلم.