(إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (١٥) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا (١٦) فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا (١٧) السَّمَاء مُنفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا (١٨) إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا) (١٩)
وكذا يوم (تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ) أي تتحرك حركة شديدة (وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً) رملا مجتمعا ، من كثب الشيء إذا جمعه ، كأنه فعيل بمعنى مفعول (مَهِيلاً) سائلا بعد اجتماعه.
١٥ ـ ١٧ ـ (إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ) يا أهل مكة (رَسُولاً) يعني محمدا عليهالسلام (شَهِيداً عَلَيْكُمْ) يشهد عليكم يوم القيامة بكفركم وتكذيبكم (كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً) يعني موسى عليهالسلام (فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) أي ذلك الرسول ، إذا النكرة إذا أعيدت معرفة كان الثاني عين الأول (فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلاً) شديدا غليظا ، وإنما خصّ موسى وفرعون لأنّ خبرهما كان منتشرا بين أهل مكة ، لأنهم كانوا جيران اليهود (فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً) هو مفعول تتقون ، أي كيف تتقون عذاب يوم كذا إن كفرتم هنا (١) ، أو ظرف أي فكيف لكم التقوى في يوم القيامة إن كفرتم في الدنيا ، أو منصوب بكفرتم على تأويل جحدتم أي كيف تتقون الله وتخشونه إن جحدتم يوم القيامة والجزاء لأن تقوى الله خوف عقابه (يَجْعَلُ الْوِلْدانَ) صفة ليوما والعائد محذوف أي فيه (شِيباً) من هوله وشدته ، وذلك حين يقال لآدم عليهالسلام : قم فابعث بعث النار من ذريتك ، وهو جمع أشيب ، وقيل هو على التمثيل للتهويل ، يقال لليوم الشديد يوم يشيب نواصي الأطفال.
١٨ ـ (السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ) وصف لليوم بالشدة أيضا ، أي السماء على عظمها وإحكامها تنفطر فيه (٢) أي تنشقّ فما ظنّك بغيرها من الخلائق؟ والتذكير على تأويل السماء بالسقف ، أو السماء شيء منفطر ، وقوله به أي بيوم القيامة ، يعني أنها تنفطر بشدة (٣) ذلك اليوم وهوله كما ينفطر الشيء بما يفطر به (كانَ وَعْدُهُ) المصدر مضاف إلى المفعول وهو اليوم ، أو إلى الفاعل وهو الله عزوجل (مَفْعُولاً) كائنا.
١٩ ـ (إِنَّ هذِهِ) الآيات الناطقة بالوعيد (تَذْكِرَةٌ) موعظة (فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) أي فمن شاء اتعظ بها واتخذ سبيلا إلى الله بالتقوى والخشية.
__________________
(١) ليس في (ظ) و (ز) هنا.
(٢) في (ظ) و (ز) به.
(٣) في (ظ) و (ز) لشدة.