(وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا (١٧) عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (١٨) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا (١٩) وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (٢٠) عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا) (٢١)
١٧ ـ ١٨ ـ (وَيُسْقَوْنَ) أي الأبرار (فِيها) في الجنة (كَأْساً) خمرا (كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلاً. عَيْناً) بدل من زنجبيلا (فِيها) في الجنة (تُسَمَّى) تلك العين (سَلْسَبِيلاً) سميت العين زنجبيلا لطعم الزنجبيل فيها ، والعرب تستلذّه وتستطيبه ، وسلسبيلا لسلاسة انحدارها وسهولة مساغها. قال أبو عبيدة : ماء سلسبيل أي عذب طيب.
١٩ ـ (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ) غلمان ينشئهم الله لخدمة المؤمنين ، أو ولدان الكفرة يجعلهم الله تعالى خدما لأهل الجنة (مُخَلَّدُونَ) لا يموتون (إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ) لحسنهم وصفاء ألوانهم وانبثاثهم في مجالسهم (لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً) وتخصيص المنثور لأنه أزين في النظر من المنظوم.
٢٠ ـ (وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَ) ظرف ، أي في الجنة وليس لرأيت مفعول ظاهر ولا مقدّر ليشيع في كلّ مرئيّ ، تقديره وإذا اكتسبت الرؤية في الجنة (رَأَيْتَ نَعِيماً) كثيرا (وَمُلْكاً كَبِيراً) واسعا ، يروى أن أدنى أهل الجنة منزلة ينظر في ملكه مسيرة ألف عام يرى أقصاه كما يرى أدناه ، وقيل ملك لا يعقبه هلك ، أو لهم فيها ما يشاؤون ، أو تسلّم عليهم الملائكة ويستأذنون في الدخول عليهم.
٢١ ـ (عالِيَهُمْ) بالنصب على أنه حال من الضمير في يطوف عليهم ، أي يطوف عليهم ولدان عاليا للمطوف عليهم ثياب. وبالسكون مدني وحمزة على أنه مبتدأ خبره (ثِيابُ سُندُسٍ) أي ما يعلوهم من ملابسهم ثياب سندس رقيق الديباج (خُضْرٌ) جمع أخضر (وَإِسْتَبْرَقٌ) غليظ يرفعهما حملا على الثياب نافع وحفص ، ويجرّهما حمزة وعليّ حملا على سندس ، وبرفع الأول وجرّ الثاني أو عكسه غيرهم (وَحُلُّوا) عطف على ويطوف (أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ) وفي سورة الملائكة : (يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً) (١) قال ابن المسيب : لا أحد من أهل الجنة إلّا وفي يده ثلاثة أسورة ، واحدة من فضة وأخرى من ذهب وأخرى من لؤلؤ (وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ) أضيف إليه تعالى للتشريف والتخصيص ، وقيل إنّ الملائكة يعرضون عليهم الشراب فيأبون قبوله منهم ويقولون لقد طال أخذنا من الوسائط فإذا هم بكاسات تلاقي أفواههم
__________________
(١) الحج ، ٢٢ / ٢٣. فاطر ، ٣٥ / ٣٣.