(قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (٤) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (٥) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (٦) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (٧) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٨) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (٩)
٤ ـ ٥ ـ (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) أي لعن كأنه قيل : أقسم بهذه الأشياء إنهم ملعونون ، يعني كفار قريش كما لعن الأخدود ، وهو خد أي شق عظيم في الأرض. روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه كان لبعض الملوك ساحر فلما كبر ضموا إليه غلاما ليعلمه السحر وكان في طريق الغلام راهب فسمع منه ، فرأى في طريقه ذات يوم دابة قد حبست الناس فأخذ حجرا فقال : اللهم إن كان الراهب أحبّ إليك من الساحر فاقتلها ، فقتلها فكان الغلام بعد ذلك يبرئ الأكمه والأبرص ، وعمي جليس للملك فأبرأه ، فأبصره الملك ، فسأله من رد عليك بصرك فقال : ربي ، فغضب ، فعذبه ، فدل على الغلام ، فعذبه ، فدل على الراهب ، فلم يرجع الراهب عن دينه فقدّ بالمنشار ، وأبى الغلام ، فذهب به إلى جبل ليطرح من ذروته ، فدعا فرجف بالقوم فطاحوا ونجا ، فذهب به إلى قرقور ، فلجّجوا به ليغرقوه ، فدعا فانكفأت بهم السفينة فغرقوا ونجا ، فقال للملك : لست بقاتلي حتى تجمع الناس في صعيد وتصلبني على جذع وتأخذ سهما من كنانتي وتقول باسم الله ربّ الغلام ثم ترميني به ، فرماه فوقع في صدغه ، فوضع يده عليه فمات ، فقال الناس آمنا بربّ الغلام ، فقيل للملك : نزل بك ما كنت تحذر ، فخدّ أخدودا وملأها نارا فمن لم يرجع عن دينه طرحه فيها ، حتى جاءت امرأة معها صبي فتقاعست أن تقع فيها ، فقال الصبي : يا أماه اصبري فإنك على الحق ، فألقي الصبي وأمّه فيها (١) (النَّارِ) بدل اشتمال من الأخدود (ذاتِ الْوَقُودِ) وصف لها بأنها نار عظيمة لها ما يرتفع به لهبها من الحطب الكثير وأبدان الناس.
٦ ـ ٩ ـ (إِذْ) ظرف لقتل أي لعنوا حين أحدقوا (٢) بالنار قاعدين حولها (هُمْ عَلَيْها) أي الكفار على ما يدنو منها من حافات الأخدود (قُعُودٌ) جلوس على الكراسي (وَهُمْ) أي الكفار (عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ) من الإحراق (شُهُودٌ) يشهد بعضهم لبعض عند الملك أن أحدا منهم لم يفرط فيما أمر وفوّض إليه من التعذيب ، وفيه حث للمؤمنين على الصبر وتحمل أذى أهل مكة (وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا) وما عابوا
__________________
(١) مسلم والترمذي والنسائي وابن حبان والطبري وأحمد وإسحاق وأبو يعلى والبزار كلهم من رواية ابن أبي ليلى من طرق.
(٢) في (ظ) و (ز) أحرقوا.