(أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (٦) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (٧) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (٨) فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (٩) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (١٠) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) (١١)
لتقدّمه على الأنبياء وشهادة أمته على الأمم وغير ذلك (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ) في الآخرة من الثواب ومقام الشفاعة وغير ذلك (فَتَرْضى) ولما نزلت قال صلىاللهعليهوسلم : (إذا لا أرضى قط وواحد من أمتي في النار) (١) واللام الداخلة على سوف لام الابتداء المؤكدة لمضمون الجملة ، والمبتدأ محذوف تقديره ولأنت سوف يعطيك ، ونحوه لأقسم فيمن قرأ ، كذلك لأن المعنى لأنا أقسم ، وهذا لأنها إن كانت لام قسم فلامه لا تدخل على المضارع إلا مع نون التوكيد فتعين أن تكون لام الابتداء ولامه لا تدخل إلا على المبتدأ والخبر فلا بد من تقدير مبتدأ وخبر كما ذكرنا ، كذا ذكره صاحب «الكشاف» (٢) ، وذكر صاحب «الكشف» (٣) هي لام القسم واستغنى عن نون التوكيد لأن النون إنما تدخل ليؤذن أن اللام لام القسم لا لام الابتداء ، وقد علم أنه ليس للابتداء لدخولها على سوف ، لأن لام الابتداء لا تدخل على سوف ، وذكر أن الجمع بين حرفي التأكيد والتأخير يؤذن بأن العطاء كائن لا محالة وإن تأخر.
ثم عدّد عليه نعمه من أول حاله ليقيس المترقب من فضل الله على ما سلف منه لئلا يتوقع إلا الحسنى وزيادة الخير ولا يضيق صدره ولا يقلّ صبره فقال :
٦ ـ ٨ ـ (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً) وهو من الوجود الذي بمعنى العلم ، والمنصوبان مفعولاه ، والمعنى ألم تكن يتيما حين مات أبواك (فَآوى) أي فآواك إلى عمّك أبي طالب (٤) وضمّك إليه حتى كفلك وربّاك (وَوَجَدَكَ ضَالًّا) أي غير عالم ولا واقف على معالم النبوة وأحكام الشريعة وما طريقه السمع (فَهَدى) فعرّفك الشرائع والقرآن ، وقيل ضلّ في طريق الشام حين خرج به أبو طالب فردّه إلى القافلة ، ولا يجوز أن يفهم به عدول عن حقّ ووقوع في غي ، فقد كان عليه الصلاة والسلام من أول حاله إلى نزول الوحي عليه معصوما من عبادة الأوثان وقاذورات أهل الفسق والعصيان (وَوَجَدَكَ عائِلاً) فقيرا (فَأَغْنى) فأغناك بمال خديجة ، أو بما (٥) أفاء عليك من الغنائم.
٩ ـ ١١ ـ (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ) فلا تغلبه على ماله وحقّه لضعفه (وَأَمَّا السَّائِلَ
__________________
(١) لم أجده بلفظه.
(٢) صاحب الكشاف : الزمخشري.
(٣) صاحب الكشف : الثعلبي.
(٤) أبو طالب : سبق ترجمته في ١٠ / ٢.
(٥) في (ز) بمال.