(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٦) فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ (٧) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) (٨)
وفي تسميته رسول الله ونبيّ الله ، ومنه ذكره في كتب الأولين ، وفائدة لك ما عرف في طريقة الإبهام والإيضاح لأنه يفهم بقوله : ألم نشرح لك أنّ ثمّ مشروحا ، ثم أوضح بقوله صدرك ما علم مبهما ، وكذلك لك ذكرك ، وعنك وزرك.
٥ ـ ٦ ـ (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً* إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) أي إن مع الشدة التي أنت فيها من مقاساة بلاء المشركين يسرا بإظهاري إياك عليهم حتى تغلبهم ، وقيل كان المشركون يعيرون رسول الله والمؤمنين بالفقر حتى سبق إلى وهمه أنهم رغبوا عن الإسلام لافتقار أهله فذكّره ما أنعم به عليه من جلائل النّعم ثم قال إنّ مع العسر يسرا كأنه قال : خوّلناك ما خولناك فلا تيأس من فضل الله فإن مع العسر الذي أنتم فيه يسرا ، وجيء بلفظ مع لغاية مقاربة اليسر العسر زيادة في التسلية ولتقوية القلوب ، وإنما قال عليهالسلام عند نزولها : (لن يغلب عسر يسرين) (١) لأن العسر أعيد معرفة (٢) فكان واحدا ، لأن المعرفة إذا أعيدت معرفة كانت الثانية عين الأولى ، واليسر أعيد نكرة والنكرة إذا أعيدت نكرة كانت الثانية غير الأولى ، فصار المعنى إن مع العسر يسرين ، قال أبو معاذ : يقال إن مع الأمير غلاما إن مع الأمير غلاما ، فالأمير واحد ومعه غلامان ، وإذا قال : إن مع أمير غلاما وإن مع الأمير الغلام فالأمير واحد والغلام واحد ، وإذا قيل إن مع أمير غلاما وإن مع أمير غلاما فهما أميران وغلامان ، كذا في شرح «التأويلات» (٣).
٧ ـ ٨ ـ (فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ) أي فإذا فرغت من دعوة الخلق فاجتهد في عبادة الربّ ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما : فإذا فرغت من صلاتك فاجتهد في الدعاء ، واختلف أنه قبل السلام أو بعده ، ووجه الاتصال بما قبله أنه لما عدّد عليه نعمه السالفة ووعده الأنفة (٤) بعثه على الشكر والاجتهاد في العبادة والنّصب فيها ، وأن يواصل بين بعضها وبعض ولا يخلي وقتا من أوقاته منها ، فإذا فرغ من عبادة ذنّبها بأخرى (وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ) واجعل رغبتك إليه خصوصا ، ولا تسأل إلا فضله ، متوكلا عليه (٥).
__________________
(١) عبد الرزاق بسنده عن ابن مسعود.
(٢) في (ظ) و (ز) معرفا.
(٣) «تأويلات القرآن» للماتريدي.
(٤) في (ز) ومواعيده الآتية.
(٥) زاد في (ز) (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).