(كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى (٦) أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى (٧) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (٨) أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (٩) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (١٠) أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَى (١١) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (١٢) أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٣) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (١٤) كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (١٥) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (١٦) فَلْيَدْعُ نَادِيَه (١٧) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (١٨) كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) (١٩)
عباده ما لم يعلموا ، ونقلهم من ظلمة الجهل إلى نور العلم ، ونبه على فضل علم الكتابة لما فيه من المنافع العظيمة ، وما دونت العلوم ، ولا قيدت الحكم ، ولا ضبطت أخبار الأولين ، ولا كتب الله المنزلة إلا بالكتابة ، ولو لا هي لما استقامت أمور الدين والدنيا ، ولو لم يكن على دقيق حكمة الله دليل إلا أمر القلم والخط لكفى به.
٦ ـ ٨ ـ (كَلَّا) ردع لمن كفر بنعمة الله عليه بطغيانه وإن لم يذكر لدلالة الكلام عليه (إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى) نزلت في أبي جهل إلى آخر السورة (أَنْ رَآهُ) أن رأى نفسه ، يقال في أفعال القلوب رأيتني وعلمتني ، ومعنى الرؤية العلم ، ولو كانت بمعنى الإبصار لامتنع في فعلها الجمع بين الضميرين (اسْتَغْنى) هو المفعول الثاني (إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى) تهديد للإنسان من عاقبة الطغيان على طريق الالتفات ، والرجعى مصدر بمعنى الرجوع ، أي إن رجوعك إلى ربك فيجازيك على طغيانك.
٩ ـ ١١ ـ (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى * عَبْداً إِذا صَلَّى) أي أرأيت أبا جهل ينهى محمدا عن الصلاة (أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى) أي إن كان ذلك الناهي على طريقة سديدة فيما ينهى عنه من عبادة الله.
١٢ ـ (أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى) أو كان آمرا بالمعروف والتقوى فيما يأمر به من عبادة الأوثان كما يعتقد.
١٣ ـ (أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى) أرأيت إن كان ذلك الناهي مكذّبا بالحق متوليا عنه كما نقول نحن.
١٤ ـ (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى) ويطلع على أحواله من هداه وضلاله فيجازيه على حسب حاله ، وهذا وعيد ، وقوله الذي ينهى مع الجملة الشرطية مفعولا أرأيت ، وجواب الشرط محذوف تقديره إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى ألم يعلم بأن الله يرى ، وإنما حذف لدلالة ذكره في جواب الشرط الثاني ، وهذا كقولك إن أكرمتك أتكرمني ، وأرأيت الثانية مكررة زائدة للتوكيد.
١٥ ـ ١٩ ـ (كَلَّا) ردع لأبي جهل عن نهيه عن عبادة الله وأمره بعبادة