(لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَّاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاء سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (٤) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ) (٥)
من كلّ شائبة كدر لاطلاعه على الغيوب والأسرار ، وعن قتادة : الدين الخالص شهادة أن لا إله إلا الله ، وعن الحسن : الإسلام (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ) أي آلهة ، وهو مبتدأ محذوف الخبر تقديره والذين عبدوا الأصنام يقولون (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) مصدر ، أي تقريبا (إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ) بين المسلمين والمشركين (فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) قيل : كان المسلمون إذا قالوا لهم من خلق السماوات والأرض؟ قالوا : الله ، فإذا قالوا لهم : فما لكم تعبدون الأصنام؟ قالوا : ما نعبدهم إلا ليقرّبونا إلى الله زلفى ، والمعنى أنّ الله يحكم يوم القيامة بين المتنازعين من الفريقين (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ) أي لا يهدي من هو في علمه أنه يختار الكفر ، يعني لا يوفقه للهدى ولا يعينه وقت اختياره الكفر ولكنه يخذله.
وكذبهم قولهم في بعض من اتخذوا من دون الله أولياء بنات الله ، ولذا عقبه محتجا عليهم بقوله :
٤ ـ (لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ) أي لو جاز اتخاذ الولد على ما تظنون لاختار مما يخلق ما يشاء لا ما تختارون أنتم وتشاؤون (سُبْحانَهُ) نزّه ذاته من أن يكون له أحد (١) ما نسبوا إليه من الأولياء والأولاد ، ودلّ على ذلك بقوله (هُوَ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) يعني أنه واحد متبرّىء عن انضمام الأعداد ، متعال عن التجزّي (٢) والولاد قهّار غلّاظ (٣) لكلّ شيء ومن الأشياء آلهتهم فأنى يكون له أولياء وشركاء؟.
ثم دلّ بخلق السماوات والأرض ، وتكوير كلّ واحد من الملوين على الآخر ، وتسخير النّيّرين وجريهما لأجل مسمى ، وبثّ الناس على كثرة عددهم من نفس واحدة ، وخلق الأنعام ، على أنه واحد لا يشارك قهّار لا يغالب بقوله :
٥ ـ (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى
__________________
(١) في (ظ) و (ز) أخذ.
(٢) في (ز) التجزؤ.
(٣) في (ظ) و (ز) غلاب.