فهذا التنزيه إن صحّ هو الذي ينقم عليه به لأنّه تكفير مسلم يبوء به أحدهما من غير دليل ، وكيف وما سلم من هذا التكفير أم المؤمنين عائشة الصديقة رضي الله عنها ومن وافقها من الصحابة والتابعين في نفي الرؤية ـ ولكن المحدّثين لم يعرفوا مقدار الخطأ في الكلام ، لأنّه غير صنعتهم ـ وكلّ صاحب سلعة لا يعرض إلا سلعته ، فنقر عن هذا المعنى وخذ في كلّ فن عن أئمّته ، وإيّاك والدخيل فيه ـ وتراهم يكررونه فمن أرادوا تنزيهه ، أو مدحه قالوا :
من قال : القرآن مخلوق فهو كافر ـ ذكروا هذا في جماعة ، منهم ابن لهيعة وغيره بل قالوا : ترك المحاسبي ميراث أبيه وقال :
أهل ملتين لا يتوارث (١) لأن أباه كان واقفيّا.
وقال يحيى بن معين أمير الجرح والتعديل :
كان عمرو بن عبيد دهريّا! قيل : وما الدهري؟ قال : يقول : لا شيء .. وما كان عمرو هكذا (٢).
فلو طلبت أعظم المتكلمين ، بل القصّاص المجازفين لا تكاد تجد من يتجاسر هذا التجاسر على رجل علمه ، وزهده ، وتألهه ، مثل الشمس في الضحى ، وقد تبعه شطر هذه البسيطة.
وقال يحيى بن معين في عنبسة بن سعيد بن العاص بن أمية ثقة ـ وهو جليس الحجاج بن يوسف ، وكذا قال النسائي ، وأبو داود ، والدارقطني ، بل روى له البخاري ومسلم ، وروى البخاري لمروان بن الحكم الذي رمى طلحة وهو في جيشه والمتسبّب في خروجه على عليّ ، وفعل كلّ طامّة.
__________________
(١) راجع تعريفهم للصحابي الذي مرّ تحت عنوان : من هو الصحابي.
(٢) راجع تعريفهم للصحابي الذي مرّ تحت عنوان : من هو الصحابي.