«هذا أمر يجب على كلّ المسلمين أن يتعاونوا ، ويتظافروا على هذا التقارب بالسّفر والزيارات المتبادلة ، بل هذا هو أوّل واجب على المسلمين ، والمعروف أن المسلم هو : كلّ من شهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمدا رسول الله ، ولا يخرجه من إسلامه تمسّكه بمذهب من المذاهب.
وقد استفدت ، وأفدت من زياراتي لكلّ البلاد الإسلامية استعداد الجميع لهذا التقارب. ويحثّنا على ذلك قول الله تعالى :
(يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا :) ٤٩ ، ١٣.
فالتعارف قد دعا إليه الإسلام من قديم الزمان ، لأن التعارف يهدي إلى التآلف ، والتآلف يهدي إلى المحبّة ، والمحبّة تهدي إلى التفاهم ، والتفاهم يهدي إلى السلام ، والسلام هو الغاية النبيلة التي دعا إليها الإسلام ، والإسلام دين المحبّة والسلام ، وهذا شعار يجب على كلّ المسلمين أن يعرفوه ، ويتمسّكوا به. ولهذا كان كثير من الأمور التي دعا إليها الإسلام وشرعها تدور حول محبّة الناس بعضهم بعضا.
وفي الحق إننا مأمورون بالتقارب عملا بقوله تعالى :
(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا :) ٣ ، ١٠٣.
وأنا أشعر بأنّنى بعد زياراتي لكثير من البلدان الإسلامية ، ومخالطتي لعلمائها أشعر بشيء غير قليل من التعاطف ، والتفهّم لوقوفهم على كثير من أسرار الإسلام ، ورغبتهم الشديدة في التقارب بينهم ، وبين إخوانهم المسلمين في كلّ بقاع الأرض.
ونرجو الله أن يوفق المسلمين ، ويؤلف بين قلوبهم. ففي هذا التآلف ، والتقارب ، والتحابب خير المسلمين جميعا (١).
__________________
(١) مع رجال الفكر في القاهرة للمؤلف.