لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) (ص : ٢٩). فكان ممّن سارع في أمر ربّه وسابق إلى طاعة مولاه ، عليّ بن أبي طالب الذي كان ذا (أُذُنٌ واعِيَةٌ) لكلام الله ، وقلب عقول لفهم كتابه ، فصار عليهالسلام عارفا بمحكمه ، مؤمنا بمتشابهه ، عاملا بأمره ، نائيا عن نهيه ، قاتل على تأويله كما قاتل رسوله الله عليه وآله وسلم على تنزيله ، فهو إمام المفسرين بعد رسول رب العالمين. اقتبس منه علم التفسير ابن عمه عبد الله بن عباس رضى الله عنه وأخذ المفسرون عن ابن عباس وهم عيال عليه في تفسير القرآن. إلا أن جميع آثاره عليهالسلام في التفسير لم تصل إلينا ، ولم نجد إلا قليلا منها متفرقا في الكتب كالدرر المنثورة ، فأحببت أن أذكر ـ بعون الله العظيم ـ في كتاب ، مكانة الإمام عليهالسلام من القرآن ، واهتمامه بحفظه وجمعه وقراءته وتفسيره وتعليمه ، وأن أشرح نبذة من طرائف تفسيره ، وظرائف تعبيره ، حيث كان عليهالسلام ، من أمراء الكلام وفرسان ميادين البيان (١) ، وشرطت على نفسي أن لا أجمع من الروايات إلا ما وافق منطوق القرآن أو مفهومه وتركت منها ما لا يوافق ظاهر الكتاب مما رواه الوضّاعون والغلاة ، فهذا هو المعيار الأول والمقياس الأهم في قبول
__________________
(١) أشير إلى قوله عليهالسلام : إنا لأمراء الكلام وفينا تنشبت عروقه وعلينا تهدلت غصونه (راجع : نهج البلاغة ، خ. ٢٣).