«ليخرج إليّ رجل منكم ترضون به حتى أقول ويقول ، فإن وجبت عليّ الحجّة أقررت لكم وتبت إلى الله ، وإن وجبت عليكم فاتقوا الذي مردّكم إليه. فقالوا : لعبد الله بن الكوّاء ـ وكان من كبرائهم ـ : اخرج إليه حتى تحاجّه! فخرج إليه. فقال علي عليهالسلام : «يا ابن الكوّاء! ما الذي نقمتم عليّ؟ بعد رضاكم بولايتي وجهادكم معي وطاعتكم لي؟! فهلا برئتم منّي يوم الجمل؟! قال ابن الكوّاء : لم يكن هناك تحكيم. فقال علي عليهالسلام : يا ابن الكواء! أنا أهدى أم رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم)؟ قال ابن الكواء : بل رسول الله صلىاللهعليهوسلم. قال : فما سمعت قول الله عزوجل : (... فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ)؟ (آل عمران : ٦١) أكان الله يشكّ أنهم كاذبون؟ قال : إن ذلك كان احتجاجا عليهم وأنت شككت في نفسك حين رضيت بالحكمين! فنحن أحرى أن نشكّ فيك! قال علي عليهالسلام : وإن الله تعالى يقول : (قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما أَتَّبِعْهُ ..) (سورة القصص : ٤٩) ، قال ابن الكواء : ذلك أيضا احتجاج منه عليهم! فلم يزل علي عليهالسلام يحاجّ ابن الكوّاء بهذا وشبهه. قال ابن الكوّاء : أنت صادق في جميع ما تقول غير أنّك كفرت حين حكّمت الحكمين! (١).
__________________
(١) انظر : الأخبار الطوال ، للدينوري ، ص ٢٠٨ و ٢٠٩.