المنّان بفوائد النّعم وعوائد المزيد والقسم ، عياله الخلائق ، ضمن أرزاقهم وقدّر أقواتهم ، ونهج سبيل الرّاغبين إليه والطّالبين ما لديه وليس بما سئل بأجود منه بما لم يسأل ، الأوّل الّذي لم يكن له قبل فيكون شيء قبله والآخر الّذي لم يكن له بعد فيكون شيء بعده ، والرّادع أناسيّ الأبصار عن أن تناله أو تدركه ، ما اختلف عليه دهر فيخلف منه الحال ولا كان في مكان فيجوز عليه الانتقال ...
(إلى أن وصل إلى قوله) :
فانظر أيّها السّائل فما دلّك القرآن عليه من صفته فائتمّ به واستضئ بنور هدايته ، وما كلّفك الشّيطان علمه ممّا ليس في الكتاب عليك فرضه ولا في سنّة النّبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم) وأئمّة الهدى أثره ، فكل علمه إلى الله سبحانه ، فإنّ ذلك منتهى حقّ الله عليك. واعلم أنّ الرّاسخين في العلم هم الّذين أغناهم عن اقتحام السّدد المضروبة دون الغيوب ، الإقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب ، فمدح الله اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علما ، وسمّى تركهم التّعمّق فيما لم يكلّفهم البحث عن كنهه رسوخا ، فاقتصر على ذلك ، ولا تقدّر عظمة الله سبحانه على قدر عقلك فتكون من الهالكين» (١).
__________________
(١) راجع نهج البلاغة ، الخطبة ٩١ ، وشرحه لابن أبي الحديد (ج ٢ ، ص ٥٣٨) وكتاب" التوحيد" لابن بابويه : ص ٥٥ ـ ٥٦ ، ورواه أيضا من أئمة الزيدية السيد