وذهب الإمام عليهالسلام أيضا إلى أن الراسخين في العلم يؤمنون بمتشابه القرآن ولا يعلمون تأويله ، لأنّه ممّا استأثر الله تعالى بعلمه (١) ، كما رواه محمد بن عليّ بن بابويه القمي في كتابه" التوحيد" والشّريف الرّضيّ في" نهج البلاغة". قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة:
«روى مسعدة بن صدقة عن الصّادق جعفر بن محمّد عليهالسلام أنّه قال : خطب أمير المؤمنين بهذه الخطبة على منبر الكوفة ، وذلك أنّ رجلا أتاه فقال : يا أمير المؤمنين صف لنا ربّنا مثل ما نراه عيانا لنزداد له حبّا وبه معرفة ، فغضب ونادى الصّلاة جامعة! فاجتمع إليه النّاس حتّى غصّ المسجد بأهله ، فصعد المنبر وهو مغضب متغيّر اللّون ، فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على النّبيّ ص ثمّ قال : «الحمد لله الّذي لا يفره المنع والجمود ولا يكديه الإعطاء والجود ، إذ كلّ معط منتقص سواه وكلّ مانع مذموم ما خلاه ، وهو
__________________
(١) ولسائل أن يسأل : ما الحكمة في إنزال الله سبحانه آيات متشابهات لا يعلم معناها أحدّ إلا الله نفسه؟! والجواب : ليس فهم معاني الآيات هو المشكل ـ سواء محكماتها أو متشابهاتها ـ لأنها لم تخرج عن أساليب كلام العرب لغة وإعرابا وإنّما الإشكال في فهم" تأويل المتشابه منها" أي معرفة حقائقها ومصاديقها ، كحقيقة العرش ، واللوح المحفوظ ، وكتاب الأعمال ، وأمثال هذه الأمور الغيبية.