كثرةً تُقَبِّلُهما ؛ ثمّ انتحبَ باكياً. فقالَ له ابنُ زيادٍ : أبكى اللهُ عينيكَ ، أتبكي لفتحِ اللهِ؟ واللهِ لولا أنّكَ شيخٌ قد خَرِفتَ وذهبَ عقلكَ لَضَربت عُنقَكَ ؛ فنهضَ زيدُ بنُ أرقمَ من بينِ يديه وصارَ إِلى منزلهِ.
وأُدخِلَ عيالُ الحسينِ عليهالسلام على ابنِ زيادٍ ، فدخلتْ زينبُ أُختُ الحسينِ في جُملتِهم مُتنكِّرةً وعليها أرذلُ ثيابها ، فمَضَتْ حتّى جلستْ ناحيةً منَ القصرِ وحفَّتْ بها إِماؤها ، فَقالَ ابنُ زيادٍ : مَنْ هذه الّتي انحازتْ ناحيةً ومعَها نساؤها؟ فلم تجُبْه زينبُ ، فأعادَ ثانية وثالثةً يَسألُ عنها ، فقالَ له بعضُ إمائها : هذه زينبُ بنتُ فاطمةَ بنتِ رسولِ اللهِ ؛ فأقبلَ عليها ابنُ زيادٍ وقالَ لها : الحمدُللهِ الّذي فضَحَكم وقتلَكم وأكْذَبَ أحْدُوثَتَكم.
فقالتْ زينبُ : الحمدُللهِ الّذي أكرمَنا بنبيِّه محمّدٍ صلىاللهعليهوآله وطهَّرَنا منَ الرِّجْسِ تطهيراً ، واِنّما يفْتَضحُ الفاسِقُ ويكذبُ الفاجرُ ، وهو غيرُنا والحمد لله.
فقالَ ابنُ زيادٍ : كيفَ رأَيتِ فعْلَ اللهِ بأهلِ بيتِكِ؟
قالتْ : كتبَ اللهُّ عليهم القتلَ فبرزوا إِلى مضاجعِهم ، وسيجمعُ اللّهُ بينَكَ وبينَهم فتحاجُّونَ إِليه وتختصمُونَ عندَه.
فغضبَ ابنُ زيادٍ واستشاطَ ، فقالَ عمْرُو بنُ حُريثٍ : أيُّها الأميرُ ، إِنّها امرأةٌ والمراة لا تؤاخذُ بشيءٍ من مَنطقِها ، ولا تُذَمُّ على خطابها. فقالَ لها ابنُ زيادٍ : لقد (١) شفى اللهُ نفسي من طاغيتِكِ والعُصَاةِ من أهلِ بيتِكِ.
__________________
(١) في «م» وهامش «ش» : قد.