يزالوا يتياسرونَ كذاك حتّى انتهَوا إِلى نينَوى ـ المكانِ الّذي نزلَ به الحسينُ عليهالسلام ـ فإِذا راكبٌ على نجيبِ له عليه السِّلاحُ متنكِّبٌ قوساً مقبلٌ منَ الكوفةِ ، فوَقَفُوا جميعاً ينتظَرونَه (١) فلمّا انتهى إِليهم سلّمَ على الحرِّ وأصحابِه ولم يسلِّمْ على الحسينِ وأصحابِه ، ودفعَ إِلى الحرِّ كتاباً من عُبيدِاللّهِ بنِ زيادٍ فإِذا فيه :
أمّا بعدُ فَجَعْجِعْ (٢) بالحسينِ حينَ يَبلُغُكَ كتابي ويقدمُ عليكَ رسولي ، ولا تُنْزِلْه (٣) إِلاّ بالعراءِ في غيرِ حصنٍ وعلى غيرِماءٍ ، فقد أمرتُ رسولي أن يَلزَمَك ولا يفُارِقَكَ حتّى يأْتيني بإِنفاذِكَ أمري ، والسّلامُ.
فلمّا قرأ الكتابَ قالَ لهم الحرُ : هذا كتابُ الأَميرِ عُبيدِاللهِّ يأْمرُني أَن أُجَعْجِعَ بكم في المكانِ الّذي يأْتي كتابُه ، وهذا رسولُه وقد أمرَه أَلاّ يفارقَني حتّى أُنَفّذَ أَمْرَه.
فنظرَ يزيد بنُ المهاجرِ الكنانيّ (٤) ـ وكانَ معَ الحسينِ عليهالسلام ـ إلى رسولِ ابن زيادٍ فعرفَه فقالَ له يزيدُ : ثَكلَتْكَ أُمُّكَ ، ماذا جئتَ فيه؟ قالَ : أَطعتُ إِمامي ووفيتُ ببيعتي ، فقالَ له ابنُ المهاجرِ: بل عصيتَ ربَّكَ وأطعتَ إِمامَكَ في هلاكِ نفسِكَ وكسبتَ العارَ والنّارَ ، وبئسَ الإمامُ إِمامكَ ، قالَ اللّهُ عزَّ من قائلٍ
__________________
(١) في هامش «ش» : ينظرونه.
(٢) في الصحاح ـ جعجع ـ ٣ : ١١٩٦ : كتب عبيدالله بن زياد الى عُمربن سعد: أن جعجع بحسين. قال الأصمعي : يعني احبسه ، وقال ابن الاعرابي : يعني ضيّق عليه.
(٣) في « ش » و « م» : تتركه ، وما في المتن من هامشهما.
(٤) في هامش « ش » و «م» : الكندي.