شاكٍ ، فقالَ : لو علمتُ بمرضِه لَعُدْته ، ودعا محمّدَ بنَ الأشعثِ وأسماءَ بنَ خارجةَ وعمرو بنَ الحجّاجِ الزُّبيديّ ، وكانتْ رُوَيحةُ بنتُ عمرو تحتَ هانئ بنِ عُروةَ وهي أُمُّ يحيى بن هانئ ، فقالَ لهم : ما يمنعُ هانئ بنَ عُروةَ من إِتيانِنا؟ فقالوا : ما نَدري وقد قيلَ إِنّه يشتكي؟ قالَ : قد بلغَني أنّه قد بَرِىءَ وهو يجلسُ على بابِ دارِه ، فالْقَوْه ومروه ألاّ يَدَعَ ما عليه من حقِّنا ، فإِنِّي لا أحبُّ أن يَفسدَ عندي مثلُه من أشرافِ العرب.
فأتَوْه حتّى وقفوا عليه عشيّةً وهو جالسُ على بابه ، فقالوا : ما يمنعُكَ من لقاءِ الأمير؟ فإِنّه قد ذكرَكَ وقالَ : لو أعلمُ أَنّه شاكٍ لَعُدْته ، فقالَ لهم : الشّكوى تَمنعُني ، فقالوا له : قد بلغَه انّكَ تجلسُ كلَّ عشيّةٍ على باب دارِكَ ، وقدِ استبطأكَ ، والإبطاءُ والجَفاءُ لا يحتملُه السًّلطانُ ، أقسَمْنَا عليكَ لمّا ركبتَ معَنا. فدعا بثيابه فلبسَها ثمّ دعا ببغلتِه فركبَها ، حتّى إِذا دنا منَ القصرِ كأنّ نفسهَ أحسّتْ ببعضِ الّذي كانَ ، فقالَ لحسّان بن أسماء بن خارجة : يا ابن أخي إِنِّي واللّهِ لهِذا الرّجلِ لَخائفٌ ، فما تَرى؟ قال : أيْ عمّ! واللهِّ ما أَتخوّفُ عليكَ شيئاً ، ولَمْ تَجعلْ على نفسِك سبيلاً ، ولم يكنْ حسّان يعلمُ في أَيِّ شيءٍ بعثَ إِليه عبيدُاللّهِ.
فجاءَ هانئ حتّى دخلَ على ابنِ زيادٍ ومعَه القومُ ، فلمّا طلعَ قالَ ابنُ زيادٍ : أتَتْكَ بحائنٍ (١) رِجلاه. فلمّا دنا من ابنِ زيادٍ ـ وعندَه شُريحٌ القاضي ـ التفتَ نحوَه فقالَ :
__________________
(١) مثل يضرب لمن يسعى الى مكروه حتى يقع فيه. «جمهرة الامثال للعسكري ١ : ١١٩ ت ١١٤ » ، والحائن : الهالك. «لسان العرب ـ حين ـ ١٣ : ١٣٦ ».