أُريدُ حِبَاءهُ وَيُرِيْدُ قَتْلي |
|
عَذِيْرَكَ مِنَ خَلِيْلِكَ مِنْ
مُرَادِ (١) |
وقد كانَ أوّل ( مادخلَ ) (٢) عليه مُكرِماً له مُلطِفاً ، فقالَ له هانئ : وما ذلكَ أيًّها الأَميرُ؟ قالَ : إٍيهٍ يا هانئ بنَ عُروِةَ ، ما هذهِ الأمورُ الّتي تَرَبّصُ في دارِكَ لأَميرِ المؤمنين وعامّةِ المسلمين؟ جئتَ بمسلم بنِ عقيلٍ فأَدخلتَه دارَك وجمعتَ له السِّلاحَ والرجالَ في الدُّورِ حولَكَ ، وظننتَ أَنّ ذلكَ يخفى عليّ ، فقالَ : ما فعلتُ ، وما مسلم عندي ، قالَ : بلى قد فعلتَ. فلمّا كثرَ ذلكَ بينَهما ، وأَبى هانئ إلاّ مجاحَدَتَه ومنُاكَرتَه ، دعا ابنُ زيادٍ مَعْقِلاً ـ ذلكَ العَيْنَ (٣) ـ فجاءَ حتّى وقفَ بين يديه ، فقالَ : أَتعرفُ هذا؟ قالَ : نعم ، وعلمَ هانئ عندَ ذلكَ أَنّه كانَ عيناً عليهم ، وأَنه قد أَتاه بأَخبارِهم ، فأُسقطَ في يدِه ساعةً ثم راجعتْه نفسه فقالَ : اسمعْ مني وصدَقْ مقالتي (٤) ، فواللهِّ لا كذبتُ ، واللهِ ما دعوتُه إِلى منزلي ، ولا علمتُ بشيءٍ من أَمرِه حتّى جاءَني يسأَلني (٥) النُزولَ فاستحيَيْتُ من ردِّه ، ودخلنَي من ذلكَ ذمامٌ فضيَّفْتُه واويتُه ، وقد كانَ من أَمرِه ما كانَ بلغَكَ ، فإِن شئتَ أن أعطيَكَ الآنَ مَوْثقاً مُغَلَّظاً ألاّ أَبغيَكَ سوءاً ولا غائلةً ، ولآتِيَنَّكَ حتّى أَضعَ يدي في يدِكَ ، وان شئتَ أَعطيتُكَ رهينةً تكونُ في يدِكَ حتّى آتيَكَ ، وأَنطلق إِليه فآمره أن يخرجَ من داري إِلى حيثُ شاءَ منَ الأَرضِ ، فأَخرج من ذمامِه وجوارِه. فقالَ له
__________________
(١) البيت لعمرو بن معدي كَرب : كتاب سيبويه ١ : ٢٧٦ ، الاغاني ١٠ : ٢٧ ، العقد الفريد ١ : ١٢١ ، جمهرة اللَغة ٦ : ٣٦١.
(٢) في هامش «ش» نسخة اخرى : ما قدم.
(٣) العين : الجاسوس « الصحاح ـ عين ـ ٦ : ٢١٧٠ ».
(٤) في هامش «ش» : قولي.
(٥) في «م» : ليسالني.