عَسَى رَبِّيْ أنْ يَهْدِيَنيْ سَوَاءَ السَّبِيْل ) (١) ثمّ نزلَها وأقبلَ أهلُها يختلفونَ إِليه ، ومن كانَ بها من المعتمرينَ وأَهل الآفَاقِ ، وابنُ الزُّبيرِ بها قد لزمَ جانبَ الكعبةِ فهو قائمٌ يصلِّي عندَها ويطوفُ ، وياْتي الحسينَ عليهالسلام فيمن ياْتيه ، فيأْتيه اليومينِ المتواليينِ وياْتيه بينَ كلِّ يومينِ مرّةً ، وهو أثقلُ خلقِ اللهِّ على ابنِ الزُبيرِ ، قد عرفَ أنّ أهلَ الحجازِ لا يُبايعونَه ما دامَ الحسينُ عليهالسلام في البلدِ (٢) ، وأنّ الحسينَ أطوعُ في النّاس منه وأجلُ.
وبلغَ أهل الكُوفةِ هلاك معاويةَ فأرجفوا بيزيدَ ، وعَرفوا خبرَ الحسينِ عليهالسلام وامتناعَه من بيعتهِ ، وما كانَ من ابنِ الزُّبيرِ في ذلكَ ، وخروجهما إِلى مكّةَ ، فاجتمعتِ الشِّيعةُ بالكوفةِ في منزلِ سُليمان ابن صُرَد ، فذكروا هلاكَ معاويةَ فحمدوا اللهَ عليه ، فقالَ سليمانُ : إِنّ معاويةَ قد هلكَ ، وانّ حُسَيناً قد تَقَبَّضَ (٣) على القوم ببيعتِه ، وقد خرجَ إِلى مكّةَ ، وأنتم شيعتُه وشيعةُ أبيه ، فإِن كنتم تعَلمونَ أنّكم ناصِروه ومجاهِدو عَدوِّه ( فاعلموه ، وان خفتم الفشل والوهن فلا تغروا الرجل في نفسه ، قالوا : لا ، بل نقاتل عدوه ، ونقتل انفسنا دونه ، قال : ) (٤) ؛ فكَتَبُوا :
بسمَ اللّهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
للحسينِ بنِ عليٍّ عليهماالسلام من سُليمان بن صُرد ، والمسَيَّبِ
__________________
(١) القصص ٢٨ : ٢٢.
(٢) في «م» وهامش «ش» : بالبلد.
(٣) تقبّض ببيعته : انزوى بها ولم يعطهم اياها «لسان العرب ـ قبض ـ ٧ : ٢١٣».
(٤) في «ش» و «م» : بدل ما بين القوسين : ونقتل أنفسنا دونه.