رداءٍ.
ثمّ دَعَا بفرسِه فرَكِبَه ، وأحْدَقَ به طَوَائفُ مِن خاصّتِه وشيعتِه ومنعوا مِنه مَنْ أرادَه ، فقالَ : «ادعُوا إِليَّ (١) رَبيْعةَ وهَمْدانَ » فدُعُوا له فأطافوا به ودفعوا النّاسَ عنه. وسارَو معَه شوبٌ (٢) منَ النّاسِ ، فلمّا مرَّ في مُظلمِ ساباط بَدَرَ إِليه رجلٌ من بني أسد يُقالُ له : الجَرّاحُ بنُ سِنان ، فأخذَ بلجامِ بغلتهِ وبيدِه مِغْوَلٌ(٣) وقالَ : اللهُ أكبرُ ، أشركتَ ـ يا حسنُ ـ كما أشركَ أبوكَ من قبلُ ، ثمّ طعنَه في فخذِه فشقَّه حتّى بلغَ العظمَ ، فاعتنقَه الحسنُ عليهالسلام وَخَرّا جميعاً إِلى الأرضِ ، فوثبَ إِليه رجلٌ من شيعةِ الحسنِ عليهالسلام يقُالُ له : عبدُالله بن خَطَلٍ الطّائي ، فانتزعَ المغولَ من يدِه وخَضْخَضَ به جوفَه ، وأكبَ عليهِ آخر يُقالُ له : ظَبْيَانُ بنُ عُمارةَ ، فقطعَ أنفَه ، فهلكَ من ذلكَ. وأُخِذَ آخرُ كانَ معَه فقُتِلَ.
وحُمِلَ الحسنُ عليهالسلام على سريرٍ إِلى المدائنِ ، فاُنزلَ به على سعدِ بنِ مسعودٍ الثّقفيّ ، وكانَ عاملَ أميرِ المؤمنينَ عليهالسلام بها فأقرَّه الحسنُ عليهالسلام على ذلكَ ، واشتغلَ بنفسِه يعُالِجُ جُرْحَه.
وكتبَ جماعةٌ من رؤساءِ القبائلِ إِلى معاويةَ بالطّاعةِ له في السِّرِّ ، واستحثّوه على السّيرِ نحوَهم ، وضَمِنُوا له تسليمَ الحسنِ عليهالسلام إِليه عندَ دُنُوِّهم من عسكرِه أو الفتكَ به ، وبلغَ الحسنَ ذلكَ. ووردَ
__________________
(١) في «م» وهامش «ش» : لي.
(٢) الشوب : الخليط ـ من الناس ـ. « الصحاح ـ شوب ـ ١ : ١٥٨ ».
(٣) المغول : سيف دقيق له قفا يكون غمده كالسوط. «الصحاح ـ غول ـ ٥ : ١٧٨٦ ».