فلمّا مضى عليهالسلام لسبيلِه غسّلَه الحسين عليهالسلام وكفّنَه وحملَه على سريرِه ، ولم يَشُكَّ مروانُ ومن معَه من بني أُميّةَ أنَّهم سيدفنونَه عندَ رسولِ اللهِ صلىاللهعليهوآله فَتَجَمَّعوا له ولبسوا السِّلاحَ ، فلمّا توجّهَ به الحسينُ بنُ عليٍّ عليهماالسلام إلى قبرِ جدِّه رسولِ اللهِ صلىاللهعليهوآله ليُجدِّدَ به عَهداً أقبلوا إليهم في جمعِهم ، ولَحِقَتْهم عائشةُ على بغلٍ وهي تقولُ : مالي ولكم تُريدونَ أن تُدخِلوا بيتي من لا أُحِبُّ. وجعَل مروانُ يقولُ :
يَارُبَّ هَيْجَا هِيَ خَيْرٌ مِنْ دَعَة
أيدفَنُ عثمانُ في أقصى المدينةِ ، ويُدفَنُ الحسن معَ النّبي؟! لا يكونُ ذلكَ أبداً وأنا أحْمِلُ السّيفَ.
وكادتِ الفتنةُ تقعُ بينَ بني هاشمٍ وبني أُميَّةَ ، فبادرَ ابنُ عبّاسٍ إِلى مروانَ فقالَ له : ارجعْ يا مروانُ من حيثُ جئتَ ، فإنّا ما نريدَ (أنْ نَدفِنَ صاحبَنا ) (١) عندَ رسولِ اللهِ صلىاللهعليهوآله لكِنَّا نريدُ أن نُجدِّدَ به عهداً بزيارتِه ، ثم نَردَّه إِلى جدّتِه فاطمَة عليهاالسلام فنَدفِنَه عندَها بوصيَّتهِ بذلكَ ، ولوكانَ وصَّى بدفنِه معَ النّبيِّ صلىاللهعليهوآله لعلمتَ أنّكَ أقصرُ باعاً من رَدِّنا عن ذلكَ ، لكِنَّه عليهالسلام كانَ أعلمَ باللهِ ورسوله وبحرمةِ قبرِه من أن يُطَرِّقَ عليه هَدْماً كما طَرّقَ ذلكَ غيرُه ، ودَخَلَ بيتَه بغيرِ إِذنِه.
ثمّ أقبلَ على عائشةَ فقالَ لها : واسوأتاه! يوماً على بغلٍ ويوماً على جملٍ ، تريدينَ أن تُطفِئي نورَ اللهِ ، وتُقاتلينَ أولياءَ اللهِ ، ارجِعي
__________________
(١) في «م» وهامش «ش» : دفن صاحبنا.