اللّهِ ـ ما أقدَمَكَ؟ واحتملَه وأنزلَه ، فقالَ له الحسينُ عليهالسلام : «كانَ من موتِ معاويةَ ما قد بلغَكَ ، فكتبَ إِليَّ أهلُ العراقِ يدعونَني إِلى أنفسِهم» فقالَ له عبدُاللّهِ بنِ مُطيعٍ : أُذكرُكَ اللهَّ يا بنَ رسولِ اللهِّ وحرمةَ الأسلامِ أن تُنتَهَكَ ، أنْشُدُكَ اللهَّ في حرمةِ قُريشٍ ، أنشُدُكَ اللّهَ في حرمةِ العرب ، فواللّهِ لئن طلبتَ ما في أيدي بني أُمّيةَ لَيَقْتُلُنَّكَ ، ولئن قتلوكَ لا يهابوَا (١) بعدَكَ أحَداً أبداً ، واللّهِ إِنّها لحُرمةُ الأسلام تُنْتَهَك ، وحرمةُ قريشٍ وحرمةُ العرب ، فلا تَفعلْ ، ولا تأْتِ الكوَفَة ، ولا تُعرِّضْ نفسَكَ لبني أُميّةَ. فأبى اَلحسينُ عليهالسلام إلاّ أن يَمضيَ.
وكانَ عُبيدُاللّه بن زيادٍ أمرَ فأُخِذَ ما بينَ واقِصَةَ (٢) إِلى طريقِ الشّام إِلى طريقِ البصرةِ ، فلا يَدَعونَ أحداً يَلِجُ ولا أحداً يخرجُ ، وأقبلَ الحسينُ عليهالسلام لا يَشعرُ بشيءٍ حتّى لقيَ الأعرابَ ، فسألهَم فقالوا : لا واللّهِ ما ندري ، غيرإنّا لا نستطيعُ أن نَلِجَ ( أو نَخرج ) (٣). فسارَتِلقاءَ وجهِه عليهالسلام.
وحدَّثَ جماعةٌ من فَزارةَ ومن بَجيلة قالوا : كُنّا معَ زُهَيرِ بنِ القَيْنِ البَجَليِّ حينَ أقبلنْا من مكّةَ ، فكنّا نُسايرُ الحسينَ عليهالسلام فلم يكَنْ شيءٌ أبغضَ إِلينا من أن نُنَازلَه في منزلٍ ، فإِذا سارَ الحسينُ عليهالسلام ونزلَ منزلاً لم نجدْ بُدّاً من أن نُنازلَه ، فنزلَ الحسينُ في جانبِ ونزلْنا في جانبٍ ، فبينا نحن جُلوس نتغذّى من طعامٍ لنا إِذْ أقبلَ رَسولُ الحسينِ عليهالسلام حتّى سلّمَ ثمّ دخلَ ، فقالَ : يا
__________________
(١) كذا في النسخ وله وجه ، والاولى«لايهابون»كما في الطبري.
(٢) واقصة : موضع في طريق مكة الى العراق «معجم البلدان ٥ : ٣٥٤».
(٣) في «ش» و «م» : ولا نخرج ، وما أثبتناه من هامشهما.