نِياقنا (١) مُسرِعَيْنِ حتّى لحقْنا بِزَرُوْدَ (٢) ، فلمّا دنونا منه إِذا نحن برجلٍ من أهلِ الكوفةِ قد عدلَ عنِ الطّريقِ حينَ رأى الحسينَ عليهالسلام ، فوقفَ الحسينُ كأنّه يُريدُه ثمّ تركه ومضى ، ومضينا نحوَه ، فقالَ أحدُنا لصاحبه : اذهب بنا إِلى هذا لنسألَه فإِنّ عندَه خبرَ الكوفةِ ، فمضينا حتَّى انتهينا إِليه فقلنا : السّلامُ عليكَ ، فقالَ : وعليكم السّلامُ ، قلنا : ممّنِ الرّجلُ؟ قالَ : أسَدِيٌّ ، قلنا : ونحن أسَدِيّانِ ، فمن أنتَ؟ قالَ : أنا بكرُ بنُ فُلانٍ ، وانتسبْنا له ثمّ قلنا له : أخبِرْنا عنِ النّاسِ وراءَك ؛ قالَ : نعم ، لم أخرجْ منَ الكوفةِ حتّى قُتِلَ مسلمُ بنُ عقيلٍ وهانئُ بنُ عُروةَ ، ورأَيتُهما يُجَرّانِ بأرجلِهما في السُّوقِ.
فأقبلْنا حتّى لحقْنا الحسينَ صلوات اللهِّ عليه فسايرْناه حتّى نزلَ الثَّعْلَبيَّةَ مُمْسِياً ، فجئناه حينَ نزلَ فسلّمْنا عليه فردَّ علينا السّلامَ ، فقلناَ له : رحمَكَ اللّه ، إِنّ عندَنا خبراً إِن شئتَ حدّثْناكَ علانيةً ، وِانْ شئتَ سِرّاً ؛ فنظرَ إِلينا ِ والى أصحابِه ثمّ قالَ : «ما دونَ هؤلاءِ سترٌ» فقلنا له : رأيتَ الرّاكبَ الّذي استقبلتَه عشيَّ أمسِ؟ قالَ : «نعم ، وقد أردتُ مسألَتَه» فقلنا : قد واللّهِ استبرأْنا لكَ خبرَه ، وكفيناكَ مسألَتَه ، وهو امِرؤٌ منّا ذو رأْي وصدقٍ وعقلٍ ، وِانّه حدّثَنا أنّه لم يخرجْ منَ الكوفةِ حتّى قُتِلَ مسلمٌ وهانئ ، ورَآهما يُجَرّانِ في السُّوقِ بأرجلِهما : فقالَ : «إِنّا للهِّ وِانّا اليه راجعونَ ، رحمةُ اللهِّ عليهما»
__________________
(١) في «م» وهامش «ش» : ناقتانا.
(٢) زَرُود: موضع على طريق حاج الكوفة بين الثعلبية والخزيمية. «معجم البلدان ٣ : ١٣٩».