فصل
ولمّا أَنفذَ ابنُ زيادٍ برأسِ الحسينِ عليهالسلام إِلى يزيدَ ، تقدّمَ إِلى عبدِ الملكِ بنِ أَبي الحُدَيثِ السُّلَميِّ فقالَ : انطلقْ حتّى تأْتيَ عَمَرَو بنَ سعيدِ ابنِ العاصِ بالمدينةِ فبَشِّرْه بقتلِ الحسينِ ، فقالَ عبد الملكِ : فركبتُ راحلتي وسرتُ نحوَ المدنيةِ ، فلقيَني رجلٌ من قُريشٍ (١) فقالَ : ما الخبرُ؟ فقلتُ : الخبرُ عندَ الأميرِتسمعُه ، فقالَ : إِنّا للّهِ وإنّا إِليه راجعونَ ، قُتِلَ ـ واللهِ ـ الحسينُ. ولمّا دخلتُ على عمرِو بنِ سعيدٍ قالَ : ما وراءَكَ؟ فقلتُ : ما سَر الأميرَ ، قُتِلَ الحسينُ بنُ عليٍّ ؛ فقالَ : اخرجْ فنادِ بقتلهِ ؛ فناديتُ ، فلم أَسمعْ واللهِّ واعيةً قطًّ مثلَ واعيةِ بني هاشمٍ في دورِهم على الحسينِ ابنِ عليٍّ عليهماالسلام حينَ سمعوا النِّداءَ بقتلهِ ، فدخلت على عَمرِو بنِ سعيدٍ ، فلمّا رآني تبسّمَ إِليَّ ضاحكاً ثمّ أَنشأَ متمثّلاً بقولِ عمرِو بنِ مَعدي كرب :
عَجَّتْ نِسَاءُ بَنِيْ زِيَادٍ
عَجَّةً |
|
كَعَجِيْجِ نِسْوَتنَاغَدَاةَ
الأرْنَبِ (٢) |
ثمّ قالَ عَمرٌو: هذه واعيةٌ بواعيةِ عُثمانَ. ثمّ صعدَ المنبرَ فأَعلمَ النّاسَ قَتْلَ الحسينِ بنِ عليّ عليهماالسلام ودعا ليزيد بن معاويةَ ونزلَ.
__________________
(١) في هامش «ش» و «م» : قيس.
(٢) في هامش «ش» و «م» : (قال ابو الندى الاعرابي : الأرنب : ماء ، وروي : الأثأب وهو: شجر). وفي الطبري ٥ : ٤٦٦ ، والكامل ٤ : ٩٨ : الأرنب : وقعة كانت لبني زُبيد على بني زياد من بني الحارث بن كعب.