ودخلَ بعضُ موالي عبدِاللهِّ بن جعفر بن أَبي طالبٍ عليهالسلام فنعى إليه ابنيه فاسترجعَ ، فقالَ أبوالسلاسِلِ مولى عبدِاللهِّ : هذا ما لَقِيْنا منَ الحسينِ بنِ عليِّ ؛ فحذَفه عبدُاللهّ بن جعفرٍ بنعلِه ثمّ قالَ : يا ابنَ اللَخْناءِ ، أَلِلحسيَنِ تقولُ هذا؟! واللهِّ لو شَهِدْتُه لأحببْتُ ألا أفارقَه حتّى أُقتلَ معَه ، واللّهِ إِنّه لَمِمّا يُسَخِّي بنفسي عنهما ويُعَزِّيني (١) عنِ المُصاب بهما أَنّهما أُصِيبا معَ أَخي وابنِ عمِّي مواسِيَيْنِ له ، صابرَينِ معَه. ثمّ أَقبلَ عَلى جُلسائه فقالَ : الحمدُ للهِّ ، عزّ عليّ مصرع (٢) الَحسين ، إنْ لا أكُنْ (٣) آسيتُ حسيناً بيدي فقد آساه ولدي.
وخرجتْ أمًّ لُقمانَ بنتُ عقيلِ بنِ أبي طالبٍ حينَ سمعتْ نَعْيَ الحسينِ عليهالسلام حاسرة ومعَها أخواتُها : أمُّ هانئ ، وأَسماءُ ، ورملةُ ، وزينبُ ، بناتُ عقيلِ بنِ أبي طالبٍ رحمة اللّهِ عليهنّ تبكي قتلاها بالطّفِّ ، وهي تَقولُ :
ماذَا تَقُوْلُوْنَ إذْ (٤) قَالَ النَّبِيُّ لَكُمْ : |
|
ماذَا فَعَلتُمْ وَأنتُمْ اخرُ الأممِ |
بِعِتْرَتيْ وَبِأَهْليْ بَعْدَ
مفْتَقَدِيْ |
|
مِنْهُمْ اسَارَى ومِنهُمْ ضُرِّجُوْا
بدَمِ |
مَاكَانَ هَذَا جَزَائي إذْنَصَحْتُ
لَكُمْ |
|
أَنْ (٥) تَخْلُفُوْنِيْ بِسُوءٍ فِيْ ذَوِيْ
رَحِمِي |
فلمّا كانَ الليلُ منْ ذلكَ اليومِ الّذي خَطَبَ فيه عَمروبنُ سعيدٍ بقتلِ الحسينِ بنِ عليٍّ عليهماالسلام بالمدينةِ ، سَمِعَ أَهلُ المدينةِ في جوف الليل مُنادياً ينُادي ، يَسمعونَ صوتَه ولا يَرَوْنَ شخصَه :
__________________
(١) في « م » وهامش « ش » :يعزي.
(٢) في نسخنا : بمصرع ، وما اثبتناه من نسخة العلامة المجلسي في البحار.
(٣) في «ش» و «م» : ألا أكون ، وصحح في هامشهما بما في المتن.
(٤) في «م» :إن.
(٥) في هامش «ش» و «م» : اذ.