الكوفة ومن الكوفة إِلى المدينة ومن المدينة الى مكّة ورَدَّكَ من مكّة إِلى الشام ، أَنْ يُخْرِجَكَ من حَبْسِك هذا.
قالَ عليُّ بن خالد : فغَمَّني ذلك من أَمْره ورَققْتُ له وانْصَرَفْتُ مَحْزُوناً عليه. فلمّا كانَ من الغدِ باكَرْتُ الحَبْسَ لأعْلِمَهُ بالحال وآمرُه بالصبرِ والعزاءِ ، فوَجَدْتُ الجُنْدَ وأَصحابَ الحَرَسِ وأَصحابَ السجنِ وخَلْقاً عظيماً من الناسِ يُهْرَعونَ ، فسَأَلْتُ عن حالِهم فقيلَ لي : المحمول من الشام المُتَنَبِّى افْتُقِدَ البارحةُ من الحَبْسِ ، فلا يُدْرى أخُسِفَتْ به الأرض أَو اخْتَطًفَتْه الطيرُ!
وكانَ هذا الرجلُ ـ أَعْني عليَّ بن خالد ـ زيديّاً ، فقالَ بالإمامةِ لمّا رَأَى ذلك وحَسُنَ اعْتقادُه (١).
أَخبرني أَبو القاسم جعفرُ بن محمد ، عن محمد بن يعقوب ، عن الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، عن محمد بن عليّ ، عن محمد بن حمزة ، عن محمد بن عليّ الهاشمي قالَ : دخَلْتُ على أَبي جعفر عليهالسلام صَبيحةَ عُرْسِهِ ببنتِ المأمون ، وكُنت تَناوَلت من الليلِ دَواءً ، فاوّل مَنْ دَخَلَ عليه في صَبيحتهِ أَنا وقَدْ أَصابَني العَطَشُ ، وكَرِهْتُ أَنْ أَدْعُوَ بالماءِ ، فنَظَرَ أَبو جعفر عليهالسلام في وَجْهي وقالَ : «أَراك عَطْشان؟» قُلْتُ : أَجَلْ ، قالَ : «يا غلامُ اسْقِنا ماء » فقًلْتُ في نفسي : الساعة يَأْتُونَه بماءٍ مسمومٍ واغْتَمَمْتُ لذلك ، فأَقْبَلَ الغلامُ ومعه الماءُ ، فتَبَسَّمَ في وَجْهي
__________________
(١) بصائر الدرجات : ٤٢٢ / ١ ، الكافي ١ : ٤١١ / ١ ، دلائل الامامة : ٢١٤ ، الاختصاص : ٣٢٠ ، اعلام الورى : ٣٣٢ ، الخرائج والجرائح ١ :٣٨٠ / ١٠ ، واخرج نحوه ابن الصباغ في الفصول المهمة : ٢٧١ ، ومختصراً في مناقب آل ابي طالب ٤ : ٣٩٣ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥٠ : ٤٠.