اعتبار اليقين إنما هو لأجل أن التعبد والتنزيل شرعا إنما هو في البقاء لا في الحدوث ، فيكفي الشك فيه على تقدير الثبوت ، فيتعبّد به على هذا التقدير ، فيترتب عليه الأثر فعلا فيما كان هناك أثر ، وهذا هو الأظهر ، وبه يمكن أن يذب عما في استصحاب الأحكام التي قامت الأمارات المعتبرة على مجرد ثبوتها ، وقد شك
______________________________________________________
على حرمة العصير بغليانه ، وشك في بقاء حرمته عند ذهاب ثلثيه بغير النار يمكن استصحاب الحرمة المجعولة للعصير العنبي بمقتضى اعتبار الأمارة بعد ذهاب ثلثيه بغير النار بتقريب أن حرمته بالغليان معلومة ويشك في بقائها بعد ذهاب ثلثيه بغير النار ، وأما بناء على أن مقتضى اعتبار الأمارة مجرد جعل الحجية أي المنجزية والمعذرية له كما هو مختاره قدسسره فيشكل جريانه لعدم اليقين بالحالة السابقة يعني الحرمة الواقعية ولا حرمة للعصير غيرها على الفرض ، وجريان الاستصحاب في نفس الحجية فهو معقول في الفرض ؛ لأنها وصف للأمارة ولا أمارة بالإضافة إلى ما بعد ذهاب الثلثين بغير النار وإلّا لم يحتج إلى الاستصحاب.
أقول : لا يخفى ما في الفرق واختصاص الإشكال بالالتزام بمسلكه دون مسلك الشيخ قدسسره فإنه لا فرق في جريان الإشكال على المسلكين حيث إن ثبوت الحكم التكليفي الطريقي موضوعه كونه مدلول الأمارة والمفروض أنه لا أمارة على حرمة العصير بعد غليانه وذهاب ثلثيه بغير النار ، وإلّا لم يحتج إلى الاستصحاب. والحاصل أن ذلك الحكم التكليفي الطريقي قد ارتفع قطعا ولو ثبت تكليف طريقي من غير ناحية الأمارة المفروضة فهو مثل الحكم الأول لا أنه بقاء الحكم الأول.
ومما ذكر يظهر الإشكال في جريان الاستصحاب فيما كان إحراز الحالة السابقة بالأمارة حتى بناء على مسلك السببية فإن الموضوع للحكم النفسي الثابت واقعا على ذلك المسلك قيام الأمارة وكونه مدلولها والمفروض أن الحكم بعد ذهاب