بيان : فأنعم ذلك أي أقر عيون إخوانك ، يقال : نعم الله بك عينا ، وأنعم الله بك عينا ، وأنعم صباحا ، ويقال : ما أنعمنا بك أي ما أقدمك فسررنا بلقائك ، وأنعمت على فلان أي أصرت إليه نعمة. والحشاش والحشاشة بضمهما : بقية الروح في الجسد في المرض.
٣٥ ـ ضه : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أكيس الناس من كان أشد ذكرا للموت.
٣٦ ـ وقال أمير المؤمنين عليهالسلام في خطبته : فإن الغاية أمامكم ، وإن وراءكم الساعة تحدوكم ، تخففوا تلحقوا فإنما ينتظر بأولكم آخركم.
__________________
(١) قال السيد في نهج البلاغة بعد ايراده هذا الكلام : إن هذا الكلام لو وزن بعد كلام الله سبحانه وبعد كلام رسول الله صلىاللهعليهوآله بكل كلام لمال به راجحا وبرز عليه سابقا ، فأما قوله عليهالسلام : « تخففوا تلحقوا » فما سمع كلام أقل منه مسموعا ولا أكثر محصولا وما أبعد غورها من كلمة! ، وأنقع نطفتها من حكمة! وقد نبهنا في كتاب الخصائص على عظم قدرها وشرف جوهرها انتهى. منه أقول : وقال بعض الشارحين ، الغاية : الثواب والعقاب ، والنعيم والشقاء ، فعليكم أن تعدوا للغاية ما يصل بكم إليها ، ولا تستبطؤها فان الساعة التى تصيبونها فيها ـ وهى القيامة ـ آزفة إليكم فكأنها في تقربها نحوكم وتقليل المسافة بينها وبينكم بمنزلة سائق يسوقكم إلى ما تسيرون إليه ، سبق السابقون بأعمالهم إلى الحسنى فمن أراد اللحاق بهم فعليه أن يتخفف من أثقال الشهوات وأوزار العناء في تحصيل اللذات ، ويحفز بنفسه عن هذه الفانيات فيلحق بالذين فازوا بعقبى الدار ، وأصله الرجل يسعى وهو غير مثقل بما يحمله يكون أجدر أن يلحق الذين سبقوه. قال ابن ميثم : كون الساعة وراءهم فلان الانسان لما كان بطبعه ينفر من الموت ويفر منه وكانت العادة في الهارب من الشئ أن يكون وراءه المهروب منه وكانت الموت متأخرا عن وجود الانسان ولاحقا تأخرا و لحوقا عقليا أشبه المهروب منه المتأخر اللاحق هربا وتأخرا ولحوقا حسيا فلا جرم استعير لفظ المحسوسة وهى الوراء. وأما كونهم تحدوهم فلان الحادى لما كان من شأنه سوق الابل بالحداء وكان تذكر الموت وسماع نواد به مزعجا للنفوس إلى الاستعداد للامور الاخرة والاهبة للقاء الله سبحانه فهو يحملها على قطع عقبات طريق الاخرة ، كما يحمل الحادى الابل على قطع الطريق البعيدة الوعرة لا جرم أشبه الحادى فاسند الحداء إليه. قوله : « تخففوا تلحقوا » لما نبههم بكون الغاية أمامهم و أن الساعة تحدوهم في سفر واجب وكان السابق إلى الغاية من ذلك السفر هو الفائز برضوان الله وقد علم أن التخفيف وقطع العلائق في الاسفار سبب للسبق والفوز بلحوق السابقين لا جرم أمرهم *