ذلك لمحض استبعاد الاوهام ليس من طريقة الاخبار ، وأما نحو حضورهم وكيفيته فلا يلزم الفحص عنه ، بل يكفي فيه وفي أمثاله الايمان به مجملا على ما صدر عنهم عليهمالسلام ، وما يقال : من أن هذا خلاف الحس والعقل : أما الاول فلانا نحضر الموتى إلى قبض روحهم ولا نرى عندهم أحدا ، وأما الثاني فلانه يمكن أن يتفق في آن واحد قبض أرواح آلاف من الناس في مشارق الارض ومغاربها ، ولا يمكن حضور الجسم في زمان واحد في أمكنة متعددة. فيمكن الجواب عن الاول بوجوه :
الاول : أن الله تعالى قادر على أن يحجبهم عن أبصارنا لضرب من المصلحة ، كما ورد في أخبار الخاصة والعامة في تفسير قوله تعالى : « جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا » أن الله تعالى أخفى شخص النبي (ص) عن أعدائه مع أن أولياءه كانوا يرونه ، وإنكار أمثال ذلك يفضي إلى إنكار أكثر معجزات الانبياء والاوصياء عليهمالسلام وقد مر فيما نقلنا من تفسير العسكري عليهالسلام التصريح بهذا الوجه.
الثاني : أنه يمكن أن يكون حضورهم بجسد مثالي لطيف لا يراه غير المحتضر ، كحضور ملك الموت وأعوانه ، وسيأتي الاخبار في سائر الموتى أن أرواحهم في البرزخ تتعلق بأجساد مثالية ، وأما الحي من الائمة عليهمالسلام فلا يبعد تصرف روحه لقوته في جسد مثالي أيضا.
الثالث : أنه يمكن أن يخلق الله تعالى لكل منهم مثالا بصورته وهذه الامثلة يكلمون الموتى ويبشرونهم من قبلهم عليهمالسلام كما ورد في بعض الاخبار بلفظ التمثيل.
الرابع : أنه يمكن أن يرتسم صورهم في الحس المشترك بحيث يشاهدهم المحتضر ويتكلم معهم كما في المبرسم.
الخامس : ما ذكره السيد المرتضى رضياللهعنه وهو أن المعنى أنه يعلم في تلك
الحال ثمرة ولايتهم وانحرافه عنهم لان المحب لهم يرى في تلك الحال ما يدله على
أنه من أهل الجنة وكذا المبغض لهم يرى ما يدله على أنه من أهل النار ، فيكون
حضورهم وتكلمهم استعارة تمثيلية ، ولا يخفى أن الوجهين الاخيرين بعيدان عن