طري الجسد ، (١) نقي اللون ، حسن الصورة ، يبكي على شبابه بكاء الثكلى على ولدها ، يريد الدخول عليك ، فقال النبي (ص) : ادخل علي الشاب يا معاذ ، فأدخله عليه فسلم فرد عليهالسلام ، ثم قال : ما يبكيك ياشاب؟ قال : كيف لا أبكي وقد ركبت ذنوبا (٢) إن أخذني الله عزوجل ببعضها أدخلني نار جهنم؟ ولا أراني إلا سيأخذني بها ولا يغفر لي أبدا ، فقال رسول الله (ص) : هل أشركت بالله شيئا : قال : أعوذ بالله أن اشرك بربي شيئا ، قال : أقتلت النفس التي حرم الله؟ قال : لا ، فقال النبي (ص) : يغفر الله لك ذنوبك وإن كانت مثل الجبال الرواسي ، (٣) فقال الشاب : فإنها أعظم من الجبال الرواسي ، فقال النبي (ص) : يغفر الله لك ذنوبك وإن كانت مثل الارضين السبع وبحارها ورمالها وأشجارها وما فيها من الخلق ، قال : فإنها أعظم من الارضين السبع وبحارها ورمالها وأشجارها وما فيها من الخلق! فقال النبي (ص) : يغفر الله لك ذنوبك وإن كانت مثل السماوات ونجومها ومثل العرش والكرسي ، قال : فإنها أعظم من ذلك ، قال : فنظر النبي صلىاللهعليهوآله إليه كهيئة الغضبان ثم قال : ويحك (٤) ياشاب ذنوبك أعظم أم ربك؟ فخر الشاب لوجهه وهو يقول : سبحان ربي ما شئ أعظم من ربي ، ربي أعظم يانبي الله من كل عظيم ، فقال النبي (ص) : فهل يغفر الذنب العظيم إلا الرب العظيم؟ قال الشاب : لا والله يا رسول الله ، ثم سكت الشاب فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : ويحك ياشاب ألا تخبرني بذنب واحد من ذنوبك؟ قال : بلى اخبرك : إني كنت أنبش القبور سبع سنين ، أخرج الاموات ، وأنزع الاكفان ، فماتت جارية من بعض بنات الانصار فلما حملت إلى قبرها ودفنت وانصرف عنها أهلها وجن عليهم الليل أتيت قبرها فنبشتها ثم استخرجتها ونزعت ما كان عليها من أكفانها وتركتها متجردة على شفير قبرها ، ومضيت منصرفا
__________________
(١) طرى الغصن أو اللحم غضا لينا فهو طرى.
(٢) أى اقترفتها.
(٣) الرواسي : الجبال الثوابت الرواسخ.
(٤) كلمة ترحم وتوجع ، وقد يأتى بمعنى المدح والتعجب ، وقيل : إنها بمعنى الويل ، تقول : ويح لزيد ، وويحا لزيد ، وويحه ، على الابتداء أو باضمار فعل ، كأنك قلت : ألزمه الله ويحا.