في قالب كقالبه في الدنيا في محل عذاب يعاقب به ، ونار يعذب بها حتى الساعة ، ثم انشئ جسده الذي فارقه في القبر ويعاد إليه ، ثم يعذب به في الآخرة عذاب الابد ، ويركب أيضا جسده تركيبا لا يفنى معه ، وقد قال الله عزوجل اسمه : « النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب » وقال في قصة الشهداء : « ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون » فدل على أن العذاب والثواب يكونان قبل يوم القيامة وبعدها ، والخبر وارد بأنه يكون مع فراق الروح الجسد من الدنيا ، والروح ههنا عبارة عن الفعال الجوهر البسيط ، وليس بعبارة عن الحياة التي يصح معها العلم والقدرة لان هذه الحياة عرض لا يبقى ولا يصح الاعادة فيه فهذا ما عول عليه بالنقل وجاء به الخبر على ما بيناه.
ثم سئل رحمه الله : ما قوله أدام الله تمكينه في معنى قول الله تعالى : « ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون » أهم أحياء في الحقيقة على ما تقتضيه الآية أم الآية مجاز؟ وأن أجسادهم الآن في قبورهم أم في الجنة؟ فإن المعتزلة من أصحاب أبي هاشم يقولون : إن الله تعالى ينزع من جسد كل واحد منهم أجزاءا قدر ما يتعلق به الروح ، وأنه تعالى يرزقهم على ما نطقت به الآية ، وما سوى هذا من أجزاء أبدانهم فهي في قبورهم كأجساد سائر الموتى.
الجواب : هذا المحكي عن أصحاب أبي هاشم
لان المحفوظ عنه الانسان المخاطب
المأمور المنهي هو البنية التي لا تصح الحياة إلا بها وما سوى ذلك من الجسد ليس
بإنسان ولا يتوجه إليه أمر ولا نهي ولا تكليف ، وإن كان القوم يزعمون أن تلك
البنية لا تفارق ما جاورها من الجسد فيعذب أو ينعم فهو مقال يستمر على أن البنية
التي ذكروها هو المكلف المأمور المنهي ، وباقي جسده في القبر ، إلا أنهم لم يذكروا
كيف يعذب من عذب ويثاب من اثيب؟ أفي دار غير الدنيا أم فيها؟ وهل يحيى بعد الموت
أو تفارق الجملة في الدنيا فلا يلحقه موت؟ ثم لم يحك عنهم في أي محل يعذبون
ويثابون؟
وفيما قالوه من ذلك فليس به أثر ولا يدل عليه العقل ، وإنما هو يخرج منهم على الظن
والحساب ، ومن بنى مذهبه على الظن في مثل هذا الباب كان بمقالته مفتريا ، ثم الذي