يفسد قولهم من بعد مادل على أن الانسان المأمور المنهي هو الجوهر البسيط ، وأن الاجزاء المؤلفة لا يصح أن تكون فعالة ، ودلائل ذلك يطول بإثباتها الكتاب ، وفيما أومأنا إليه منها كفاية فيما تعلق به السؤال وبالله التوفيق.
وسئل عنه قدس الله روحه في المسائل العكبرية عن قول الله تعالى : « ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله » الآية ، هل يكون الرزق لغير جسم؟ وما صورة هذه الحياة؟ فإنا مجمعون على أن الجواهر لا تبلى شيئا ، فما الفرق حينئذ في الحياة بين المؤمن والكافر؟ فأجاب رحمه الله بأن الرزق لا يكون عندنا إلا للحيوان ، والحيوان عندنا ليسوا بأجسام بل ذوات اخرجوا في هذه الدار إلى الاجساد ، وتعذر عليهم كثير من الافعال إلا بها ، فإن اغنوا عنها بعد الوفات جاز أن يرزقوا مع عدمها رزقا يحصل لهم به اللذات ، وإن افتقروا إليها كان الرزق لهم حينئذ بحسبه في الدنيا على السواء ، فأما قوله : ما صورة هذه الحياة؟ فالحياة لا صورة لها لانها عرض من الاعراض وهي تقوم بالذات الفعالة دون الاجساد التي تقوم بها حياة النمو دون الحياة التي هي شرط في العلم والقدرة ونحوهما من الاعراض ، وقوله : إنا مجمعون على أن الجواهر لا تبلى شيئا فليس ذلك كما ظن ، ولو كان كما توهم لم يمتنع أن توجد الحياة لبعض الجواهر وترفع عن بعض ، كما توجد حياة النمو لبعض الاجساد وترفع من بعض بالاتفاق ، ولو قلنا : إن الحياة بعد النقلة من هذه الدار تعم أهل الكفر والايمان لم يفسد ذلك علينا أصلا في الدين ، فكانت الحياة لاهل الايمان شرطا في وصول اللذات إليهم ، والحياة لاهل الكفر شرطا في وصول الآلام إليهم بالعقاب انتهى.
وقال شارح المقاصد : اتفق الاسلاميون
على حقيقة سؤال منكر ونكير في
القبر وعذاب الكفار وبعض العصاة فيه ، ونسب خلافه إلى بعض المعتزلة ، قال بعض
المتأخرين منهم : حكي إنكار ذلك عن ضرار بن عمرو ، وإنما نسب إلى المعتزلة
ـ وهم برآء منه ـ لمخالطة ضرار إياهم ، وتبعه
قوم من السفهاء من المعاندين للحق و
نحوه ، قال في المواقف : وقال المحقق الدواني في شرح العقائد العضدية : عذاب
القبر للمؤمن والفاسق والكافر حق لقوله تعالى : « النار يعرضون عليها غدوا وعشيا
»