من عندك حتى ترق قلوبنا ، وتسلو أنفسنا عن الدنيا ، ويهون علينا ما في أيدي الناس من هذه الاموال ، ثم نخرج من عندك فإذا صرنا مع الناس والتجار أحببنا الدنيا! قال : فقال أبوجعفر عليهالسلام : إنما هي القلوب (١) مرة تصعب ، ومرة تسهل ، ثم قال أبوجعفر (ع) : أما إن أصحاب محمد صلىاللهعليهوآله قالوا : يارسول الله نخاف علينا النفاق ، قال : فقال : ولم تخافون ذلك؟ قالوا : إذا كنا عندك فذكرتنا ورغبتنا وجلنا ونسينا الدنيا وزهدنا حتى كأننا نعاين الآخرة والجنة والنار ونحن عندك ، فإذا خرجنا من عندك ودخلنا هذه البيوت وشممنا الاولاد ورأينا العيال والاهل يكاد أن نحول عن الحالة التي كنا عليها عندك ، حتى كأنا لم نكن على شئ ، أفتخاف علينا أن يكون ذلك نفاقا؟ فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوآله : كلا إن هذه خطوات الشيطان فيرغبكم في الدنيا ، والله لو تدومو على الحالة التي وصفتم أنفسكم بها لصافحتكم الملائكة مشيتم على الماء ولولا أنكم تذنبون فتستغفرون الله لخلق الله خلقا حتى يذنبوا ثم يستغفروا لله فيغفر لهم ، إن المؤمن مفتن تواب ، أما سمعت قول الله عزوجل : «إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين » وقال : « استغفروا ربكم ثم توبوا إليه ». « ج ٢ ص ٤٢٣ ـ ٤٢٤ »
*(اختتام فيه مباحث رائقة)*
الاول : في وجوب التوبة ، ولا خلاف في وجوبها في الجملة ، والاظهر أنها إنما تجب لما لم يكفر من الذنوب ، كالكبائر والصغائر التي أصرت عليها ، فإنها ملحقة بالكبائر ، والصغائر التي لم يجتنب معها الكبائر ، فأما مع اجتناب الكبائر فهي مكفرة إذا لم يصر عليها ولا يحتاج إلى التوبة عنها ، لقوله تعالى : « إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم » وسيأتي تحقيق القول في ذلك في باب الكبائر إن شاء الله تعالى.
قال المحقق الطوسي قدس الله روحه في التجريد : التوبة واجبة لدفعها الضرر. ولوجوب الندم على كل قبيح أو إخلال بواجب.
__________________
(١) قال المصنف قدسسره في شرح الحديث في كتابه مرآت العقول : إنما هي القلوب أى إنما سمى بالقلب لتقلب أحواله ، مرة تصعب اه.