على صدق الندم ، وإن لم يقم بها أمكن جعله دلالة على عدم صحة الندم. ثم قال رحمه الله المغتاب إما أن يكون قد بلغه اغتيابه أولا ، ويلزم الفاعل للغيبة في الاول الاعتذار عنه إليه لانه أوصل إليه ضرر الغم فوجب عليه الاعتذار منه والندم عليه ، وفي الثاني لا يلزمه الاعتذار ولا الاستحلال منه لانه لم يفعل به ألما ، وفي كلا القسمين يجب الندم لله تعالى لمخالفة النهي ، والعزم على ترك المعاودة.
وقال المحقق في التجريد ، وفي إيجاب التفصيل مع الذكر إشكال. وقال العلامة ذهب قاضي القضاة (١) إلى أن التائب إن كان عالما بذنوبه على التفصيل وجب عليه التوبة عن كل واحدة منها مفصلا وإن كان يعلمها على الاجمال وجب عليه التوبة كذلك مجملا ، وإن كان يعلم بعضها على التفصيل وبعضها على الاجمال وجب عليه التوبة عن المفصل بالتفصيل وعن المجمل بالاجمال ، واستشكل المصنف رحمه الله إيجاب التفصيل مع الذكر لامكان الاجتزاء بالندم على كل قبيح وقع منه وإن لم يذكره مفصلا.
ثم قال المحقق رحمه الله : وفي وجوب التجديد إشكال ، وقال العلامة قدسسره إذا تاب المكلف عن معصية ثم ذكرها هل يجب عليه تجديد التوبة؟ قال أبوعلي : نعم بناءا على أن المكلف القادر بقدرة لا ينفك عن الضدين ، إما الفعل ، أو الترك ، فعند ذكر المعصية إما أن يكون نادما عليها ، أو مصرا عليها ، والثاني قبيح فيجب الاول. وقال أبوهاشم : لا يجب لجواز خلو القادر بقدرة عنهما.
ثم قال المحقق : وكذا المعلول مع العلة. وقال الشارح : إذا فعل المكلف العلة قبل وجود المعلول هل يجب عليه الندم على المعلول ، أو على العلة ، أو عليهما؟ مثاله الرامي إذا رمي قبل الاصابة ، قال الشيوخ : عليه الندم على الاصابة لانها هي القبيح ، وقد صارت في حكم الموجود ، لوجوب حصوله عند حصول السبب ، وقال القاضي : يجب عليه ندمان أحدهما على الرمي لانه قبيح ، والثاني على كونه مولدا للقبيح ، ولا يجوز أن يندم على المعلول ، لان الندم على القبيح إنما هو لقبحه ، وقبل وجوده لا قبح.
__________________
(١) هو عبد الجبار المعتزلى ، ابن احمد بن عبدالجبار الهمدانى الاسد آبادي ، شيخ معتزلة عصره ، المتوفي سنه ٤١٥.