ومنها أنه ليس من وقت يجئ إلا تجب عليها فيه صلاة جديدة في يومها وليلتها وليس الصوم كذلك ، لانه ليس كلما حدث يوم وجب عليها الصوم ، وكلما حدث وقت الصلاة وجب عليها الصلاة.
فإن قال : فلم إذا مرض الرجل أو سافر في شهر رمضان فلم يخرج من سفره أو لم يفق من مرضه حتى يدخل عليه شهر رمضان آخر وجب عليه الفداء للاول وسقط القضاء ، فإذا أفاق بينهما أو أقام ولم يقضه وجب عليه القضاء والفداء؟ قيل : لان ذلك الصوم إنما وجب عليه في تلك السنة في ذلك الشهر ، فأما الذي لم يفق فإنه لما أن مر (١) عليه السنة كلها وقد غلب الله عليه فلم يجعل له السبيل إلى أدائه سقط عنه ، و كذلك كلما غلب الله تعالى عليه مثل المغمى الذي يغمى عليه يوما وليلة فلا يجب عليه قضاء الصلاة كما قال الصادق عليهالسلام : كلما غلب الله على العبد فهو أعذر له ، لانه دخل الشهر وهو مريض فلم يجب عليه الصوم في شهره ولا سنته للمرض الذي كان فيه ، ووجب عليه الفداء لانه بمنزلة من وجب عليه صوم فلم يستطع أداءه فوجب عليه الفداء ، كما قال الله عزوجل : « فصيام شهرين متتابعين فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا » وكما قال الله عزوجل : « ففدية من صيام أو صدقة أو نسك » فأقام الصدقة مقام الصيام إذا عسر عليه.
فإن قال : فإن لم يستطيع إذ ذاك فهو الآن يستطيع. قيل له : لانه لما أن دخل عليه شهر رمضان آخر وجب عليه الفداء للماضي ، لانه كان بمنزلة من وجب عليه صوم في كفارة فلم يستطعه فوجب عليه الفداء ، وإذا وجب الفداء سقط الصوم ، والصوم ساقط والفداء لازم ، فإن أفاق فيما بينهما ولم يصمه وجب عليه الفداء لتضييعه والصوم لاستطاعته.
فإن قال : فلم جعل صوم السنة؟ قيل : ليكمل به صوم الفرض.
فإن قال : فلم جعل في كل شهر ثلاثة أيام ، وفي كل عشرة أيام يوما؟ قيل : لان الله تبارك وتعالى يقول : « من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها » فمن صام في كل
__________________
(١) في العيون : مرت. م