من أن يراد به ذلك أيضا ، وإذ قد عرفت بطلان القول بعدم التداخل مطلقا والقول به مطلقا كان المتعين التفصيل لكن بشرط اجتماعها دون المتجدد منها ، نعم قد يقال : انه لا يشترط نية الجميع تفصيلا ، بل يكفي النية الإجمالية في الجملة.
القسم الثالث أن يكون بعضها واجبا وبعضها مستحبا ، والأقوى الاجتزاء فيه أيضا بغسل واحد مع نية الجميع ، فهنا مقامات الأول التداخل مع الفرض المذكور ، وبه صرح المصنف في المعتبر ، ووافقه جملة من متأخري المتأخرين ، وفي ظاهر القواعد والإرشاد وصريح جامع المقاصد كما عن صريح التذكرة عدم التداخل ، لنا الإجماع المنقول في الخلاف على الاجتزاء بغسل واحد للجنابة والجمعة مع نيتهما ، وحسنة زرارة المتقدمة ومرسلة جميل وعثمان بن يزيد المتقدمة في وجه ، وهو حمل الوجوب واللزوم فيهما على ما يشمل الواجب والمستحب ، لكن فيه إشكال في خصوص خبر عثمان بن يزيد والتعليل المتقدم ( بأنهما حرمتان اجتمعتا في حرمة واحدة ) فما يقال : من أنه لا دليل على التداخل وليست كالأغسال الواجبة ، لأن المطلوب بها الرفع أو الاستباحة وهو أمر واحد ، بخلاف هذه ـ فيه مالا يخفى ، كالقول بأنهما مختلفان بالوجوب والندب ، وهما متضادان لا يجتمعان في محل واحد ، والشيعة متفقون على عدمه كالواجب والمحرم وإن اختلفت الجهة ، وذلك لما تقدم لك في أول البحث أن التحقيق أن المراد بالتداخل هنا انما هو الاجتزاء بفعل واحد عن الفعلين ، وليس هذا الفرد الموجود في الخارج الذي تحقق به الاجتزاء مصداقا للكليين حتى يلزم ما سمعت ، بل هو أمر خارج عنهما ، فهو من قبيل فرد لكلي آخر ، قال الشارع : اني أجتزي به عن الواجب والمندوب ، لكن لما كان مشابها في الصورة سمي بالتداخل ، وإلا فهو ليس غسل جنابة وغسل جمعة ليرد ذلك.
فان قلت : إنا نسأل عن هذا الغسل الموجود في الخارج أهو مستحب أم واجب أو مستحب وواجب ، قلت : هو حيث يقوم مقام الأغسال الواجبة ، فهو أحد فردي الواجب المخير بمعنى أن المكلف مخير بين أن يأتي بالفعلين أو بالفعل الواحد المجزي عنهما