الواجب على معنى كون الفرد الذي مساحة المسح فيه مقدار الثلاث أفضل من الفرد الآخر ، وأطال في الاعتراض على ما ادعى ظهوره من كلمات الأصحاب من كون الزائد على ما تحقق الواجب هل هو على الوجوب أو الاستحباب؟
قلت : أنت خبير بما فيه ، إذ مراد الأصحاب ان الزائد على مقدار المسمى هل هو مخاطب به خطاب ندبي غير خطاب الواجب ، فيكون مسحين أولهما ما تحقق الواجب والآخر مستحب محض ، أو أنه مسح واحد تأدى به الواجب ، فيكون المراد انه أفضل أفراد الواجب ، والحاصل ان مسح مقدار الثلاث هل هو أفراد لتحقق ماهية المسح ، فيتأدى الواجب بأولها والباقي مستحب ، أو أنه فرد واحد ، فيراد باستحبابه على معنى كونه أفضل أفراد الواجب؟ وقد عرفت ان الذي يقتضيه بادئ النظر الفرق في ذلك بين التدريجي والدفعي فالأول واجب ومندوب محض ، والثاني أفضل أفراد الواجب ، لكن قد يقال بعد التأمل في خصوص المقام : أنه من أفضل أفراد الواجب في كل من الدفعي والتدريجي بشرط اتصال المسح فيه ، لما يظهر من العرف انه مسح واحد كالغسل المتصل ، بل قد يدعى أنه الظاهر من قول الأصحاب ( المندوب مسح ثلاث أصابع ) إذ لا ينطبق على ظاهره ، لكون بعضه واجبا قطعا ، بل الذي يقتضيه الرواية فإن قوله عليهالسلام (١) : ( يجزي من المسح ) الى آخره بعد حمله على الندب لا معنى لأن يراد به الواجب والندب ، فالأقوى بحسب النظر كونه أفضل أفراد الواجب فيهما معا ، لكن بشرط عدم الانفصال في المسح التدريجي ، فتأمل جيدا. وفيما تركنا وذكرنا من كلام صاحب الحدائق مواضع للنظر لا تخفى على من لاحظها ، تركنا التعرض لها خوف الإطالة ، وأما احتمال القول انه في الدفعي مستحب لأنه يجوز تركه لا إلى بدل فضعيف جدا ، إذ البدل الاقتصار على الأقل.
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الوضوء ـ حديث ٥.