سألت أبا الحسن الرضا عليهالسلام « عن المسح على القدمين كيف هو؟ فوضع كفه على الأصابع فمسحها إلى الكعبين إلى ظاهر القدم ، فقلت : جعلت فداك لو أن رجلا قال بإصبعين من أصابعه هكذا فقال : لا إلا بكفه » واشتماله على خلاف المجمع عليه بين الطائفة من إيجاب المسح بتمام الكف لا يقدح في أصل الاستدلال على ما نحن فيه ، ولا يبعد حينئذ حمله بالنسبة إلى ذلك للاستحباب ، لما في المعتبر والمنتهى من الإجماع على الاجتزاء بالمسح ولو بإصبع واحدة ، ومنافاته لظواهر غيره من الأخبار وتنزيلها عليه تنزيل المطلق على المقيد مع عدم إمكان جريانه في بعضها مشروط بالمقاومة المنتفية هنا من وجوه ، وما يظهر من إشارة السبق للحلبي من أن أقل المجزي المسح بإصبعين لم أعثر على موافق له ، ولا على ما يدل عليه ، بل ولا من نقل خلافه في ذلك ، وما لعله يظهر من الصدوق في الفقيه من العمل بهذه الرواية لقوله : « وحد مسح الرجلين أن تضع كفيك على أطراف أصابعك من رجليك وتمدهما إلى الكعبين » لا يقدح في الإجماع المتقدم ، مع احتمال أن يريد حد الفضيلة والاستحباب كما نص عليه الشيخ في جمله وعقوده والشهيدان في النفلية وشرحها وقول الباقر عليهالسلام في خبر معمر بن عمر (١) : « يجزي من المسح على الرأس موضع ثلاث أصابع وكذلك الرجل » المشعر بأن ذلك أقل المجزي لم أعثر على من أفتى بظاهره ، فلا يبعد أن يراد منه استحباب مسح ثلاثة أصابع من العرض وإن انتهت بالطول إلى الكعبين.
وكيف كان فلا ينبغي الإشكال في إيجاب الاستيعاب الطولي لكثرة شواهده من الكتاب والسنة ، فما يظهر من بعض المتأخرين أنه لولا الشهرة لكان القول بعدم الوجوب متجها ليس على ما ينبغي ، نعم مما ذكرنا تعلم أنه لا يجب استيعاب العرض ، بل عليه الإجماع في المعتبر والمنتهى والذكرى وعن التذكرة ، كما لعله يظهر من غيرها ، مضافا إلى ظاهر كثير من الأخبار وبذلك يصرف ما لعله يظهر من بعضها من إيجابه ،
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الوضوء ـ حديث ٥.