إلى محل لا يعتاد وصولها اليه ، ولا يصدق على إزالتها اسم الاستنجاء ، وهو الأقرب ، لعموم الأدلة ، ولبناء الشرعية على المتعارف دون النادر ، ولما صرحوا به في ماء الاستنجاء من الحكم بطهارته ما لم يتفاحش بحيث يخرج عن مسمى الاستنجاء انتهى.
قلت قد عرفت أن المستند في أصل الحكم الإجماعات المنقولة ، مع نسبته له في الذكرى الى الرواية ، ولعله أشار الى ما رواه (١) في المعتبر عنه عليهالسلام « يكفي أحدكم ثلاثة أحجار إذا لم يتجاوز المحل » لكن الظاهر من ملاحظة كلامه أنها من طرق العامة فلا ينفع انجبارها بالشهرة ، إذ ظاهر الأصحاب عدم الالتفات الى أخبار العامة وان انجبرت ، والذي يظهر لي في المقام أن الأصحاب ( قدس الله أرواحهم ) لم يريدوا ما فهمه هؤلاء منهم من مطلق التعدي ، وأنكروا عليهم ذلك غاية الإنكار ، بل الظاهر منهم إرادة التعدي عن المحل الذي يعتاد وصول النجاسة إليه ، لما عرفت أن رؤساءهم لم يذكروا تحديد التعدي ، فيحمل على ما كان خارقا للمتعارف المعتاد ، كما يشعر بذلك أنهم ذكروه في مقابلة ما ذهب إليه الشافعي من الاجتزاء بالأحجار وإن وصل الى باطن الأليتين ، بل يشير اليه قول بعضهم أنه لا بد من الماء وان لم يبلغ باطن الأليتين ، وذلك لانه بدونه يخرج عن المتعارف المعتاد ، وكيف يسوغ لأحد ان يحمل كلامهم على إرادة مطلق التعدي ، مع أنه لازم لخروج الغائط في الغالب ، مع أن الاستنجاء بالأحجار كان هو المتعارف في ذلك الزمان ، بل يظهر من الروايات (٢) أنه لم يعرف غيره حتى نزل قوله تعالى ( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) في الرجل الذي أكل طعاما فلانت بطنه فاستنجى بالماء ، فشرع هناك التخيير بينه وبين الأحجار ، ومما يرشد الى هذا أيضا ان العلامة في المنتهى استدل على وجوب إزالة المتعدي بالماء بأنه انما شرع الاجمار لأجل المشقة الحاصلة من تكرر الغسل مع تكرر النجاسة ، أما ما لا يتكثر فيه
__________________
(١) المعتبر ـ البحث الثاني من الاستنجاء في آداب الخلوة ص ٢٣.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ٣ و ٥.