لكن ليعلم ان من تعرض لوجوب نية الوجوب ( منهم ) من أطلق نية وجوبه ، و ( منهم ) من يظهر منه وجوب ملاحظته علة وغاية ، فلا يكتفي به لو لا حظه قيدا ، ولعله لظاهر المنقول عن كتب المتكلمين ، وعن الوسيلة « وجوب ملاحظته وصفا لا غاية ».
وعلى كل حال فأقصى ما يمكن أن يستدل به لهم أن الامتثال بالمأمور به لا يتحقق إلا بالإتيان به على وجهه المطلوب ، وهذا لا يحصل إلا بالإتيان بالواجب واجبا والندب ندبا ، وبان الوضوء يقع تارة على وجه الوجوب وأخرى على الندب ، ولما كان الفعل قابلا لأن يقع لكل منهما كان تخصيصه بأحدهما محتاجا إلى نية ، لأن قصد جنس الفعل لا يستلزم وجوهه ، فكل فعل كان قابلا لأن يقع على وجوه متعددة افتقر اختصاصه بأحدها إلى النية ، وإلا فبدون ذلك لا يعد ممتثلا لأحدها ، فمن أوقع مثلا ركعتين ولم ينو أنهما صبح أو نافلة لم يمتثل أحد الأمرين ، إذ قصد التعيين لا إشكال في شرطيته وانه لا يتحقق الامتثال بدونه ، إذ ليس في الروايات ولا في غيرها ما يدل على حصول البراءة بدونه ، بل قد يشعر قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم « وانما لكل امرئ ما نوى » بوجوبه ، على أنه قد استفاض عنهم عليهمالسلام « أنه لا عمل إلا بنية » ولم يعلم كيفيتها وهي وإن كانت شرطا للعبادة ولكن الشك في الشرط يقتضي الشك في المشروط ، وأيضا فالشك واقع في جزء النية فيجري عليها ما يجري عند الشك في جزء العبادة ، لكونها لمعنى جديد إما حقيقة أو مجازا وهو غير معلوم.
ولا يخفى عليك ما في الجميع ( أما الأول ) فلأنه إن أريد بوجوب إيقاع الفعل على وجهه إيقاعه على الوجه المأمور به شرعا فمسلم ، لكن كون النية المذكورة مما تعتبر شرعا أول البحث ، وإن أريد به إيقاعه مع قصد وجهه الذي هو الوجوب أو الندب فهو ممنوع ، وهل هو إلا مصادرة ، وإن أريد به الإشارة إلى وجوب الاحتياط في العبادة فهو راجع إلى التأييد الأخير وستسمع ما فيه. ( وأما الثاني ) ـ فمع كونه خروجا