مواقفه مع المنصور وولاته
رزق أهل البيت فيما رزقوا الحكمة وكفى بها فضيلة ، ولربما تعجب من مواقف الصادق مع المنصور ورجاله فإنك تارة تجده يلين بالقول ويجهد في براءته واخرى يلاقيهم بالشدّة والعنف دون أن يعترف بشيء وإن أساءهم موقفه.
والصادق أعرف بما يقول ويفعل ، فقد يلين اذا عرف أن اللين أسلم ، وقد يخشن إذا عرف أن الخشونة ألزم ، وليس اللين محمودا في جميع الأوقات والحالات ، غير أن التمييز بين المواقف يحتاج إلى حكمة وعرفان ، فبينا تجده يخاطب المنصور بقوله : « والله ما فعلت ولا أستحلّ ذلك ولا هو من مذهبي وإني ممّن يعتقد طاعتك في كلّ حال وقد بلغت من السنّ ما قد أضعفني عن ذلك لو أردته فصيّرني في بعض حبوسك حتّى يأتيني الموت فهو منّي قريب » واذا به يقول للمنصور على لسان الرسول : « فإن كففت وإلاّ أجريت اسمك على الله عزّ وجل في كلّ يوم خمس مرّات » إلى كثير من الموقفين ، كما عرفت كثيرا من مواقف اللين ، وستعرف الآن بعض المواقف من الشدّة.
إنّا وإن غبنا عن ذلك العهد لكننا لم نغب عن معرفة نفسيّة الامام الصادق عليهالسلام ونفسيّة الدوانيقي ، كما لم نغب عن تأريخ الحوادث في ذلك العهد.
إن المنصور وإن ملك البلاد باسم الخلافة لكنه يعلم أن صاحبها حقا هو الصادق عليهالسلام ، وأنه صاحب كلّ فضيلة وأنه لو أراد الأمر لم يطق المنصور