رطب ، وكنت آمر لجيران الضيعة كلّهم الشيخ والعجوز والصبي والمريض والمرأة ومن لا يقدر أن يجيء فيأكل منها ، لكلّ إنسان مد ، فاذا كان الجداد (١) وفيت القوام والوكلاء والرجال أجرتهم ، وأحمل الباقي الى المدينة ، ففرّقت في أهل البيوتات والمستحقّين الراحلتين والثلاث والأقلّ والأكثر على قدر استحقاقهم ، وحصل لي بعد ذلك ألف دينار ، وكان غلّتها أربعة آلاف دينار (٢).
وهذا الإنفاق وإن بلغ ثلاثة آلاف دينار لا يستكثر على سماحة أهل البيت ، وإنما الجميل فيه اهتمامه في صلة المعوزين ومواصلة البرّ لهم.
وإن الأفضل في الأخلاق ما يحكيه عن نفسه بقوله : إنه ليعرض لي صاحب الحاجة فابادر الى قضائها مخافة أن يستغني عنها صاحبها (٣).
هذه بعض أخلاقه العالية التي تمثّل لك البرّ والعاطفة وتجسّم لك الحنان والرأفة ، فكأنما الناس كلّهم عياله وإخوانه وآله ، ولا بدع فذلك شأن الإمام في الامّة.
إن السخاء وإن كان خلّة كريمة في نفسه ، وفائدة لمن يجىء بالعطاء ، إلاّ أن فيه عدا هذا فوائد اخرى اجتماعيّة ملموسة ، إن الكريم يحمل الناس على حبّ الكريم ، والحبّ داعية الائتلاف ، بل ربما كان الحبّ سلّما لرئاسة ذي الجود والإصغاء لقوله ، وكم تكون من جدوى زعامة المرء واستماع كلامه اذا كان من أهل الصلاح والخير.
__________________
(١) بالمهملتين والمعجمتين : قطع التمر ..
(٢) بحار الأنوار : ٤٧ / ٥١ / ٨٣ ..
(٣) المجلس / ٣١ من أمالي الطوسي طاب ثراه ..