وهو القائل للمعلّى بن خنيس : يا معلّى تحبّب الى إخوانك بصلتهم ، فان الله تعالى جعل العطاء محبّة والمنع مبغضة ، فأنتم والله إن تسألوني واعطيكم أحبّ إليّ من ألاّ تسألوني فلا اعطيكم فتبغضوني (١).
فكان الصادق عليهالسلام يعطي العطاء الجزيل ، العطاء الذي لا يخاف صاحبه الفقر ، وقد سبق في الأخلاق بعض هباته ، كما سيأتي الوفر من صلاته.
وقد أعطى مرّة فقيرا أربعمائة درهم فأخذها وذهب شاكرا ، فقال لعبده : ارجعه ، فقال : يا سيّدي سئلت فأعطيت فما ذا بعد العطاء؟ فقال له : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : خير الصدقة ما أبقت غنى وإنّا لم نغنك ، فخذ هذا الخاتم فقد أعطيت فيه عشرة آلاف درهم فإذا احتجت فبعه بهذه القيمة (٢).
أحسب أن الصادق عليهالسلام إنّما زاده للشكر ، والشكر داعية المزيد يقول تعالى : « ولئن شكرتم لأزيدنكم » ولقد زاد سائلا من ثلاث حبّات عنب الى كفّين الى نحو من عشرين درهما الى قميص ، وما ذاك إلاّ لأن السائل قنع في الاولى وحمد الله تعالى وما كفّ عن عطائه إلاّ بعد أن كفّ عن الحمد ودعا للصادق عليهالسلام (٣).
ودخل عليه أشجع السلمي (٤) فوجده عليلا فجلس وسأل عن علّة مزاجه ، فقال الصادق له : تعدّ عن العلّة واذكر ما جئت له ، فقال :
ألبسك الله منه
عافية |
|
في نومك المعتري
وفي أرقك |
__________________
(١) المجلس / ١١ من أمالي الطوسي طاب ثراه ..
(٢) بحار الأنوار : ٤٧ / ٦١ ..
(٣) نفس المصدر ..
(٤) هو من الشعراء المجيدين والمجاهرين بالولاء والحبّ لأهل البيت ، ترجم له في الأغاني : ١٧ / ٣٠ وأعيان الشيعة : ١٣ / ٣٤٦ ..