وها هو ذا الصادق عليهالسلام تدلّنا سيرته وتعلمنا عن سريرته ، أنه من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا ، ومن العترة التي تركها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في امّته لتكون بيانا عن كتابه الصامت ، وليكونا معا العروة الوثقى التي لا انفصام لها والتي ينجو المستمسك بها من مهاوي الضلال.
فكانت سيرته القويمة تريد بالناس إخراجهم من الغواية الى الهداية ، ومن العمى الى البصر ، ومن الجهل الى العلم ، وتلك السريرة مطويّة في هذه السيرة.
ونحن نورد من سيرته ما يعرب عن تلك الأخلاق العظيمة والنفسيّة القدسيّة العلويّة ، التي لا ترى غير الجهاد في الإرشاد والإصلاح همّا ولا همّة.
إن الأخلاق الحميدة قد تكون غرائز نفسيّة ، وطبائع فطريّة ، أمثال السماحة والشجاعة والبشاشة والبلاغة ، وقد تكون بالتعلّم والاكتساب مثل العبادة والزهادة والمعارف والعلوم والآداب.
وإن من يسبر سيرة هاشم وبنيه يجدهم قد جمعوا الفضائل بقسميها ، والأخلاق بشطريها ، حتّى اذا نبغ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم من بينهم وأخذ من كلّ فضيلة بأسماها كما يقتضيه منصبه الإلهي كان بنوه أحقّ من درج على سنّته واتّبع جميل أثره لا سيّما والفضيلة شعار قبيلتهم قبل هذا التراث من رسول الأخلاق والفضائل.
ومن يستقص سيرة أبي عبد الله عليهالسلام يعرف أنه الشخصيّة المثاليّة لأبيه المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم وما المرء إلاّ بعمله ، ولئن سكت عن بيان حاله فأعماله ترجمان ذاته وصفاته.