سجن المنصور مع بني الحسن ، دعاء وعملا وصوما في الأيام البيض من رجب ، فعملت ما قال فاطلق سراحه وما زال العمل يعرف الى اليوم بعمل أمّ داود ، الى كثير سواهم.
وكم دعا لمريض بالعافية فعوفي ، كما في دعائه لحبابة الوالبيّة وكانت من النساء الفاضلات ، وليونس بن عمّار الصيرفي وهو من رجال الصادق الثقات ، ولرجل عرض له وقد سئل له الدعاء ، ولا مرأة بها وضح في عضدها ، ولرجل جاءه في البيت متعوّذا وبه بلاء شديد ، الى غير هؤلاء.
وكم دعا لناس بسعة الحال فأصابوا الدعوة ، كما في طرخان النخاس وحمّاد بن عيسى وغيرهما ، وسنذكر ذلك في استجابة دعائه.
ولا غرابة أن يكون أبو عبد الله عليهالسلام على تلك العاطفة النبيلة ، وما هي إلاّ بعض ما يجب أن يستشعره.
إن من يلمس في أبي عبد الله عليهالسلام تلك العاطفة الرقيقة التي تدر دمعته وتذكي النار في قلبه رحمة ، وتختطف الدم من وجهه ، يستغرب كيف يكون له الجلد الذي لا توازنه الجبال الشمّ في احتماله.
كان ابنه إسماعيل اكبر أولاده ، وهو ممّن جمع الفضيلة والعقل والعبادة فكان الصادق عليهالسلام يحبّه حبّا شديدا ، حتّى حسب بعض الناس أن الامامة فيه بعد أبيه ، فلمّا مات وكان الصادق عند مرضه حزينا عليه جمع أصحابه وقدّم لهم المائدة وجعل فيها أفخر الأطعمة وأطيب الألوان ، ودعاهم الى الأكل وحثّهم عليه لا يرون للحزن أثرا عليه ، وكانوا يحسبون أنه سيجزع ويبكي ويتأثّر ويتألّم ، فسألوه عن ذلك فقال لهم : وما لي لا اكون كما ترون